لقاء وحوار مع سيادة المطران مار بولص ثابت حبيب يوسف ال مكو مطران ابرشية القوش

بقلم‭ ‬د‭ ‬عضيد‭ ‬يوسف‭ ‬ميري

استضافت‭ ‬مؤسسة‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬21‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬سيادة‭ ‬المطران‭ ‬مار‭ ‬بولص‭ ‬ثابت‭ ‬حبيب‭ ‬يوسف‭ ‬ال‭ ‬مكو‭  ‬مطران‭ ‬ابرشية‭ ‬القوش‭ ‬أثناء‭ ‬زيارته‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتواجده‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬ميشيغان‭ ‬واغتنمت‭ ‬مجلة‭ (‬كالديان‭ ‬نيوز‭ - ‬أخبار‭ ‬الكلدان‭) ‬الفرصة‭ ‬لإجراء‭ ‬لقاء‭ ‬وحوار‭ ‬تناول‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الاهتمامات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬قلق‭ ‬الجالية‭ ‬في‭ ‬المهجر‭ ‬والمكونات‭ ‬والمواطنين‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬سلط‭ ‬فيها‭ ‬المطران‭ ‬الجليل‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬وناقش‭ ‬سبل‭ ‬دعم‭ ‬مجتمع‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ (‬الموصل‭) ‬والوضع‭ ‬الكارثي‭ ‬بعد‭ ‬صدمة‭ ‬داعش،‭ ‬وأحوال‭ ‬النازحين‭ ‬والتغيرات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬و‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار،‭ ‬وزيارة‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬والتعايش‭ ‬بين‭ ‬المكونات‭ ‬المتنوعة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وأدناه‭ ‬نص‭ ‬المقابلة‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭:‬

نبذة‭ ‬عن‭ ‬مطران‭ ‬القوش‭ ‬مار‭ ‬بولص‭ ‬ثابت‭ ‬حبيب‭ ‬يوسف‭ ‬ال‭ ‬مكو‭  ‬
اسم‭ ‬الاب‭ ‬الثلاثي‭: ‬حبيب‭ ‬يوسف‭ ‬منصور
اسم‭ ‬الام‭ ‬الثلاثي‭: ‬هيلاني‭ ‬حنا‭ ‬ماموكا
له‭ ‬شقيقان‭ ‬وثلاث‭ ‬شقيقات
تاريخ‭ ‬الولا‭: ‬14‭/ ‬2‭/ ‬1976
مكان‭ ‬الولادة‭: ‬كرمليس‭ - ‬نينوى‭ ‬
تاريخ‭ ‬العماد‭: ‬26‭/ ‬3‭/ ‬1976‭ - ‬كنيسة‭ ‬مار‭ ‬ادي
الدراسة‭ ‬المدنية‭: ‬بكالوريوس‭ ‬علوم‭/ ‬الجيولوجيا
الدراسة‭ ‬اللاهوتية‭: ‬بكالوريوس‭ ‬لاهوت‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬الاوربانية‭/ ‬ليسانس‭ ‬علم‭ ‬الاباء‭- ‬المعهد‭ ‬الاوغسطيني‭ - ‬اللاتيران‭ - ‬روما
اللغات‭: ‬الايطالية‭- ‬الانكليزية‭ - ‬السريانية‭ - ‬الكلدانية‭ - ‬والعربية
ارتسم‭ ‬كاهنا‭ ‬بتاريخ‭ ‬25‭/ ‬7‭/ ‬2008
أماكن‭ ‬الخدمة‭: ‬خورنة‭ ‬مار‭ ‬ادي‭ - ‬كرمليس‭ ‬من‭ ‬1‭/ ‬9‭/ ‬2011‭- ‬6‭/‬8‭/ ‬2014
أربيل‭: ‬الخدمة‭ ‬الراعوية‭ ‬للمهجرين‭ ‬من‭ ‬أبرشية‭ ‬الموصل‭/ ‬الاغاثة‭ ‬للكلدان‭ ‬اللاجئين‭ ‬الى‭ ‬اربيل‭ ‬7‭/‬8‭/‬2014‭- ‬1‭/ ‬9‭/ ‬2017‭.‬
‭ ‬عمل‭ ‬بهمّة‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬اعادة‭ ‬اعمار‭ ‬بلدة‭ ‬كرمليس‭ ‬1‭/‬9‭/ ‬2017
استاذ‭ ‬مادة‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬بابل‭ - ‬دورات‭ ‬التثقيف‭ ‬المسيحي

س‭ ‬–‭ ‬سيادة‭ ‬المطران‭ ‬تفضل‭ ‬وأخبرنا‭ ‬عن‭ ‬أبرشية‭ ‬القوش‭ ‬وأوضاع‭ ‬المسيحيين‭ ‬والبلدات‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬
ج‭ - ‬المطران‭ ‬ثابت‭ ‬

قبل‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬كانت‭ ‬منطقة‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬مستقرة‭ ‬نسبيا‭ ‬وموطنًا‭ ‬لأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬بأكملها،‭ ‬وكانت‭ ‬سلة‭ ‬غذاء‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومعروفة‭ ‬بحقولها‭ ‬الغنية‭ ‬ومزارعها‭ ‬الخصبة‭ ‬ومحاصيلها‭ ‬الموسمية‭ ‬الغزيرة‭ ‬وكانت‭ ‬تكفي‭ ‬لإطعام‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬اهل‭ ‬العراق،‭ ‬ولكن‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمان‭ ‬تخلخل‭ ‬بسبب‭ ‬الأحداث‭ ‬الطائفية‭ ‬وصعود‭ ‬القاعدة‭ ‬بعد‭ ‬2003‭ ‬و2006‭ ‬ونزوح‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬المسيحين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬والبصرة‭ ‬والموصل‭ ‬الى‭ ‬بلدات‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬وعنكاوا‭ ‬وإقليم‭ ‬كردستان‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭.‬

تسبب‭ ‬هذا‭ ‬النزوح‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬لنفوس‭ ‬أهالي‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬لفترة‭ ‬أعوام‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬حصلت‭ ‬كارثة‭ ‬وصدمة‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬2014‭ ‬لتبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬وأكثر‭ ‬ايلاماً‭ ‬من‭ ‬النزوح‭ ‬صوب‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬والهجرة‭ ‬خارج‭ ‬العراق‭. ‬وأنا‭ ‬كنت‭ ‬مسؤولاً‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬المهجرين‭ ‬الكلدان‭ ‬في‭ ‬عنكاوا‭ ‬وعملت‭ ‬بكل‭ ‬جد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبقاء‭ ‬الأمل‭ ‬حي‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس‭.‬

بعد‭ ‬تحرير‭ ‬سل‭ ‬نينوى‭ ‬من‭ ‬داعش‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬حصل‭ ‬واقع‭ ‬جديد‭ ‬شمل‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬وخطوط‭ ‬جغرافية‭ ‬متقاطعة‭ ‬وسواتر‭ ‬امنية‭ ‬عازلة‭ ‬قسمت‭ ‬المنطقة‭ ‬والبلدات‭ ‬والسكان‭ ‬وصعبت‭ ‬وعقدت‭ ‬عودة‭ ‬النازحين،‭ ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأمور‭ ‬مثالية‭ ‬ولم‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬النازحين‭ ‬الى‭ ‬بلداتهم‭ ‬سوى‭ ‬30‭%- ‬40%‭ ‬لينصدموا‭ ‬بهول‭ ‬الدمار‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬والبلدات‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬واستقرار‭ ‬سكانها‭ ‬الذين‭ ‬عادوا‭ ‬اليها‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬نزوحهم‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭.‬

س‭- ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬ألآمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬أمل‭ ‬بعودة‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية؟

ج‭ ‬–‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مقياس‭ ‬الأمان؟‭ ‬فنحن‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬واحد‭ ‬بينما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬مقسم‭ ‬بساتر‭ ‬أمني،‭ ‬ونقاط‭ ‬تفتيش‭ ‬وسيطرات‭ ‬بين‭ ‬البلدات‭ ‬تعمل‭ ‬كحاجز‭ ‬وسببت‭ ‬في‭ ‬تغيرات‭ ‬ديمغرافية‭ ‬وجغرافية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬قبل‭ ‬2003‭ ‬يتكوّن‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬وبلدات‭ ‬متصلة‭ ‬جغرافيا‭ ‬ومتواصلة‭ ‬سكانياً‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬والان‭ ‬نجدها‭ ‬أصبحت‭ ‬منعزلة‭ ‬وتشبه‭ ‬مسطحات‭ ‬الأهوار‭ ‬كجزر‭ ‬ومجمعات‭ ‬منفصلة‭. ‬

وقبل‭ ‬داعش،‭ ‬كنا‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬هي‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬مسك‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬غزو‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬أغسطس‭ ‬2014،‭ ‬بقيت‭ ‬المنطقة‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬داعش‭ ‬حتى‭ ‬16‭ ‬أكتوبر‭ ‬2016،‭ ‬ولكن‭ ‬منذ‭ ‬التحرير‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قرار‭ ‬أمنى‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

ولكن‭ ‬الحق‭ ‬يقال‭ ‬ان‭ ‬المسيحيون‭ ‬بوسعهم‭ ‬التحرك‭ ‬والتنقل‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬لكونهم‭ ‬لا‭ ‬يشكلون‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬أو‭ ‬المواطنين‭ ‬الأخرين،‭ ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬الصعوبات‭ ‬باقية‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬ساتر‭ ‬أمنى‭ ‬يفصل‭ ‬منطقة‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬عن‭ ‬مواقع‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية،‭ ‬وبسبب‭ ‬ذلك‭ ‬العزل‭ ‬نرى‭ ‬المزارعين‭ ‬يتنقلون‭ ‬بين‭ ‬الحاجز‭ ‬الساتر‭ ‬ومزارعهم‭ ‬اثناء‭ ‬موسمي‭ ‬الزرع‭ ‬والحصاد‭.‬

س‭ - ‬كيف‭ ‬غيرت‭ ‬داعش‭ ‬احوال‭ ‬المنطقة؟

ج‭ - ‬أزمة‭ ‬وكارثة‭ ‬داعش‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬والموصل‭ ‬والعراق‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تمتد‭ ‬الى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأبعد‭. ‬ففي‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬سيطر‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والشام‭ (‬داعش‭) ‬على‭ ‬كرمليس‭ ‬وقضاء‭ ‬الحمدانية‭ (‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬الموصل‭) ‬وألحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬بالمباني‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬القضاء،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬وحرق‭ ‬آلاف‭ ‬المنازل‭ ‬والأماكن‭ ‬الدينية‭. ‬وأجبر‭ ‬هذا‭ ‬الغزو‭ ‬الهمجي‭ ‬جميع‭ ‬مسيحيي‭ ‬المدينة‭ ‬تقريبًا‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬للنجاة‭ ‬بحياتهم‭. ‬

ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬2014‭ ‬كان‭ ‬امر‭ ‬لا‭ ‬يأتينا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الخيال‭ ‬وكنا‭ ‬نسمع‭ ‬ونقرأ‭ ‬عن‭ ‬إبادات‭ ‬تأريخية‭ ‬حدثت‭ ‬وبقيت‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬فقط،‭ ‬ومنها‭ ‬ابادات‭ ‬نادر‭ ‬شاه‭ ‬عام‭ ‬1743‭ ‬ومير‭ ‬كور‭ ‬ومجازر‭ ‬سيفو‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الشمال‭ ‬وحتى‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أصدق‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬سياتي‭ ‬الى‭ ‬كرمليس‭ ‬وبقيت‭ ‬فيها‭ ‬الى‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬حينما‭ ‬رأينا‭ ‬ان‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬المكلفة‭ ‬بحماية‭ ‬المنطقة‭ ‬تنسحب‭ ‬امام‭ ‬اعيننا،‭ ‬أدركنا‭ ‬حجم‭ ‬المصيبة‭ ‬فقررنا‭ ‬النزوح‭ ‬والمغادرة‭ ‬وعند‭ ‬نزوحنا‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬همنا‭ ‬هو‭ ‬انقاذ‭ ‬المخطوطات‭ ‬التاريخية‭ ‬الثمينة‭ ‬من‭ ‬كنيسة‭ ‬مار‭ ‬ادي‭ ‬في‭ ‬كرمليس‭ ‬وأنا‭ ‬قمت‭ ‬بذلك‭. ‬

احتل‭ ‬داعش‭ ‬ودمر‭ ‬منزلي‭ ‬وغيره‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬اسكنه‭ ‬وكسر‭ ‬الإرهابيين‭ ‬برج‭ ‬وناقوس‭ ‬الكنيسة‭ ‬ونبشوا‭ ‬قبور‭ ‬الكهنة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬مدفن‭ ‬الكنيسة‭ ‬ومنهم‭ ‬قبر‭ ‬ابونا‭ ‬سالم‭ ‬ابن‭ ‬اخ‭ ‬المطران‭ ‬جبرائيل‭ ‬كًني‭ ‬واخرجوا‭ ‬التابوت‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬الصلبان‭ ‬والذهب‭ ‬وثم‭ ‬تركوه‭ ‬بترابه‭ ‬وبدلته‭ ‬الكنسية‭. ‬

وعندما‭ ‬هجم‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابي‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬سهل‭ ‬نينوى،‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬المسيحيين‭ ‬فيها‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬وخسرنا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬45‭% ‬من‭ ‬سكان‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬الذين‭ ‬هاجروا‭. ‬أعطيكم‭ ‬مثالاً‭ ‬لتكوين‭ ‬صورة‭ ‬واضحة،‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬باطنايا‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬العائلات‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬1000‭ ‬عائلة،‭ ‬بقي‭ ‬منها‭ ‬اليوم‭ ‬215‭ ‬عائلة‭ ‬فقط،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬عائلة‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬بلدات‭ ‬أخرى،‭ ‬والنسبة‭ ‬متفاوتة،‭ ‬حيث‭ ‬خسرت‭ ‬مناطق‭ ‬45‭% ‬من‭ ‬اعداد‭ ‬نفوسها،‭ ‬فيما‭ ‬خسرت‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬نفوسها،‭ ‬ولاتزال‭ ‬الهجرة‭ ‬تشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬بترك‭ ‬المسيحيين‭ ‬لأرضهم‭.‬

وبعد‭ ‬تحرير‭ ‬المنطقة‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬بدأ‭ ‬عدد‭ ‬النازحين‭ ‬العائدين‭ ‬في‭ ‬التزايد‭ ‬تدريجياً‭. ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يعود‭ ‬جميع‭ ‬سكان‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭. ‬لأنهم‭ ‬تضرروا‭ ‬ويأسوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬بسبب‭ ‬حرب‭ ‬داعش‭. ‬ولذلك‭ ‬فقدت‭ ‬برطلة‭ ‬معظم‭ ‬سكانها‭ ‬المسيحيين،‭ ‬وفقدت‭ ‬كرمليس‭ ‬70‭% ‬من‭ ‬أهلها‭. ‬ومازال‭ ‬يعيش‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬النازحين‭ ‬في‭ ‬عنكاوا‭ ‬ومنطقة‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭.‬

س‭ - ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬إحصائيات‭ ‬ومتابعات‭ ‬دقيقة‭ ‬للأضرار‭ ‬التي‭ ‬خلفها‭ ‬داعش؟

ج‭ ‬–‭ ‬بعد‭ ‬التحرير‭ ‬وعند‭ ‬عودتنا‭ ‬الى‭ ‬مدننا‭ ‬وجدنا‭ ‬الخراب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬معظم‭ ‬العائلات‭ ‬المسيحية‭ ‬شيئًا‭ ‬سوى‭ ‬المباني‭ ‬المحروقة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المدمرة،‭ ‬إذ‭ ‬عاث‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬خرابا‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬خلال‭ ‬احتلاله‭. ‬ولدينا‭ ‬إحصائيات‭ ‬رهيبة‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬الأضرار‭ ‬والدمار‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬المسلوبة‭ ‬والمتضررة‭ ‬والمحروقة،‭ ‬وللأسف‭ ‬أصبح‭ ‬كثير‭ ‬منها‭ ‬مدمراً‭ ‬ولن‭ ‬يتم‭ ‬ترميمها‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬دور‭ ‬ومسؤولية‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المدن‭ ‬المنكوبة‭ ‬وعدم‭ ‬التلكؤ‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬الإعمار‭.‬

‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬لنا‭ ‬البكاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬حصل،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬نشمر‭ ‬السواعد‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الإعمار‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وإعادة‭ ‬كافة‭ ‬مستلزمات‭ ‬العودة،‭ ‬وهناك‭ ‬رغبة‭ ‬وإرادة‭ ‬للصمود‭ ‬والبقاء‭ ‬ولنا‭ ‬امل‭ ‬وايمان‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭. ‬

س‭ - ‬كيف‭ ‬واجهتم‭ ‬تحديات‭ ‬عودة‭ ‬النازحين‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء؟

ج‭ - ‬الكنيسة‭ ‬كانت‭ ‬سباقة‭ ‬وفي‭ ‬المقدمة‭ ‬لمواجهة‭ ‬أزمات‭ ‬التهجير‭ ‬والإعمار،‭ ‬وبذلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬المسيحيين‭ ‬إلى‭ ‬قراهم‭ ‬والتمسك‭ ‬بأرضهم،‭ ‬وكانت‭ ‬المهمة‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية،‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬الأنشطة‭ ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬إجراء‭ ‬مسح‭ ‬موسع‭ ‬لاحتياجات‭ ‬البلدات‭ ‬والقرى‭ ‬المتضررة‭. ‬وأظهرت‭ ‬نتائج‭ ‬الاستطلاع‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬يحتاجون‭ ‬أشياء‭ ‬أساسية‭ ‬مثل‭ ‬الغذاء‭ ‬والتعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬الوظيفي‭ ‬والاستشارة‭ ‬والتنمية‭ ‬الروحية‭ ‬والوظائف‭ ‬المستقرة‭. ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬وباتباع‭ ‬خطة‭ ‬محكمة‭ ‬لتوعية‭ ‬المواطنين،‭ ‬تضمنت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬المكونات،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مراكز‭ ‬التعليم،‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭. ‬

أساسيات‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬هي‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاستمرارية‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة،‭ ‬ونحن‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تفكير‭ ‬جديد‭ ‬يواكب‭ ‬الحاجة‭ ‬في‭ ‬مناطقنا،‭ ‬ويعالج‭ ‬أمور‭ ‬الوظائف‭ ‬والبطالة‭ ‬والركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وإعادة‭ ‬الخدمات‭ ‬وضرورات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ (‬كهرباء‭ ‬ماء‭ ‬مستشفيات‭ ‬مراكز‭ ‬صحية‭ ‬مدارس‭) ‬وبالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬المساعدات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وخاصة‭ ‬المزارعين،‭ ‬سيساعدهم‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬والبقاء‭ ‬وإنعاش‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية،‭ ‬وسيساهم‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬الاستقرار‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭. ‬

ولعبت‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامجها‭ ‬وخبراتها‭ ‬ومنح‭ ‬القروض‭ ‬الصغيرة،‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الممنوحة‭ ‬الآن‭ ‬للمزارعين،‭ ‬للاهتمام‭ ‬بالقطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬في‭ ‬مناطقهم،‭ ‬وعلمنا‭ ‬مؤخراً‭ ‬عن‭ ‬جهود‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الكلدانية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬اهل‭ ‬المنطقة‭ ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬قنوات‭ ‬الاتصال‭ ‬والجسور‭ ‬بيننا،‭ ‬لكي‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬الناس،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬واستكمال‭ ‬مشاريع‭ ‬الاعمار‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭.‬

س‭ - ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬التغييرات‭ ‬الديمغرافية؟

ج‭ - ‬إن‭ ‬مقاومة‭ ‬التغيرات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬والتمسك‭ ‬بالحقوق‭ ‬ولغة‭ ‬القانون‭ ‬تتطلب‭ ‬العزيمة‭ ‬والإرادة‭ ‬الإدارية‭. ‬كمسيحيين‭ ‬موجودين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬ندعو‭ ‬أهلنا‭ ‬إلى‭ ‬الصبر‭ ‬والثبات‭ ‬والرسوخ‭ ‬في‭ ‬أرضهم،‭ ‬نحن‭ ‬لدينا‭ ‬رسالة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬هي‭ ‬نقل‭ ‬تعاليم‭ ‬السلام‭ ‬والمحبة،‭ ‬حيث‭ ‬كنا‭ ‬أول‭ ‬بناة‭ ‬للحضارة،‭ ‬ونريد‭ ‬أن‭ ‬نساهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وإعلاء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المواطنة،‭ ‬وندعو‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬الصلاة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وأيضاً‭ ‬الثبات‭ ‬والرسوخ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬لأخذ‭ ‬الحقوق‭ ‬الكاملة‭.‬

وما‭ ‬يهمنا‭ ‬هو‭ ‬تفعيل‭ ‬القوانين‭ ‬المدنية‭ ‬والقيام‭ ‬بخطوات‭ ‬وقرارت‭ ‬برلمانية‭ ‬ودستورية‭ ‬جريئة‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬امتلاك‭ ‬الاراضي‭ ‬ومنع‭ ‬التغيير‭ ‬الديموغرافي،‭ ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬الرغبة‭ ‬والقدرة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭. ‬نريد‭ ‬قانون‭ ‬واضح‭ ‬بشأن‭ ‬منع‭ ‬التغيير‭ ‬الديموغرافي‭ ‬والجغرافي،‭ ‬يحدد‭ ‬ويحفظ‭ ‬ممتلكات‭ ‬وأماكن‭ ‬المكونات‭ ‬التاريخية‭ ‬وتغييرات‭ ‬دستورية‭ ‬بشأن‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬يشعر‭ ‬الناس‭ ‬بالمساواة‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬وطنها‭ ‬الذي‭ ‬يحميها‭.‬

الدعم‭ ‬الدولي‭ (‬يو‭ ‬اس‭ ‬أي‭ ‬دي‭) ‬دور‭ ‬الكنيسة‭ ‬والمنظمات‭ ‬المدنية

س‭ ‬–‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وعد‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬مايكل‭ ‬بينس‭) ‬عام‭ ‬2018‭ ‬بتخصيص‭ ‬مبلغ‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬اعقبه‭ ‬بزيادة‭ ‬مقدارها‭ ‬85‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لإعمار‭ ‬سهل‭ ‬نينوى،‭ ‬كما‭ ‬وعدت‭ ‬الحكومات‭ ‬العراقية‭ ‬بمبالغ‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السوداني‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وهو‭ ‬مبلغ‭ ‬بخس‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لبناء‭ ‬مدرسة‭ ‬أو‭ ‬مستوصف‭ ‬ووعود‭ ‬من‭ ‬حكومات‭ ‬ومنظمات‭ ‬للإعادة‭ ‬الإعمار،‭ ‬هل‭ ‬تم‭ ‬ذلك؟

ج‭ ‬–‭ ‬أنا‭ ‬شخصياً‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬وكان‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬تذهب‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬مباشرة‭ ‬الى‭ ‬من‭ ‬يحتاجها‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وليس‭ ‬الى‭ ‬شلة‭ ‬من‭ ‬المنتفعين‭ ‬ولغير‭ ‬المسيحين،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬قنوات‭ ‬ملتوية‭ ‬وبيروقراطية‭ ‬وتأخير‭ ‬وفساد‭ ‬ومنافع‭ ‬وقتية‭ ‬ولم‭ ‬تصل‭ ‬المبالغ‭ ‬الى‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬بحاجة‭ ‬لها‭ ‬فعلاً،‭ ‬وأصبح‭ ‬الدعم‭ ‬صفرا‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬كوفيد‭ -‬19‭ ‬والحرب‭ ‬الأوكرانية‭.‬

‭ ‬المسيحيون‭ ‬اليوم‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الاحباط،‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الاهمال،‭ ‬وتأخير‭ ‬الاعمار،‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬وخاصة‭ ‬الهجرة‭ ‬والبطالة‭ ‬وصعوبة‭ ‬التنقل‭ ‬وتطوير‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭. ‬وأهالي‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬وبعد‭ ‬التدمير‭ ‬والحرق‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬مناطقهم‭ ‬وقراهم،‭ ‬والتهجير‭ ‬القسري‭ ‬الذي‭ ‬تعرضوا‭ ‬له،‭ ‬أصبحوا‭ ‬يشعرون‭ ‬بأنهم‭ ‬منسيون‭ ‬وقامت‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬مثل‭ ‬سميرتاس‭ ‬اللوثرية‭ ‬واي‭ ‬سي‭ ‬ان‭ (‬في‭ ‬قره‭ ‬قوش‭) ‬وفرسان‭ ‬كولومبس‭ (‬كرمليس‭) ‬وتلك‭ ‬العاملة‭ ‬مع‭ ‬هنغاريا‭ ‬في‭ ‬إعمار‭ ‬البيوت‭ (‬في‭ ‬تلسقف‭)‬،‭ ‬وشكلت‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬التفاتة‭ ‬ورسالة‭ ‬امل‭ ‬لأهلنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬ولعبت‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬الأمل‭ ‬وتشجيع‭ ‬البقاء‭ ‬وبأنهم‭ ‬غير‭ ‬منسيين‭. ‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬لنا‭ ‬الدعم‭ ‬لمساعدة‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬كانت‭ ‬جمهورية‭ ‬هنغاريا،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬مواقف‭ ‬هنغاريا‭ ‬بخصوص‭ ‬الوجود‭ ‬المسيحي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬هي‭ ‬مواقف‭ ‬مشرفة‭ ‬وواقعية‭ ‬وعملية،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬تلسقف،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬لهنغاريا‭ ‬حصة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬هذه‭ ‬البلدة،‭ ‬شملت‭ ‬بيوت‭ ‬المواطنين،‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬الكنيسة،‭ ‬ورياض‭ ‬الأطفال،‭ ‬ومدرسة‭ ‬نموذجية‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬القوش،‭ ‬ومزرعة‭ ‬تعليمية،‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مدرسة‭ ‬تُعلّم‭ ‬طرق‭ ‬الزراعة‭ ‬الحديثة‭ ‬لأبناء‭ ‬المنطقة‭ ‬جميعاً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬مقامة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬القوش‭ ‬وبالتعاون‭ ‬معها‭. ‬كما‭ ‬وقمنا‭ ‬بحفر‭ ‬خمسة‭ ‬ابار‭ ‬للمياه‭ ‬والزراعة‭.‬

أما‭ (‬يو‭ ‬اس‭ ‬أي‭ ‬دي‭) ‬فإنها‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬شبكات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬وإنارة‭ ‬الشوارع‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬منشأة‭ ‬وبنايات‭ ‬ومستوصفات‭ ‬الدولة‭ ‬ودعم‭ ‬تشغيل‭ ‬اليد‭ ‬العاملة،‭ ‬وعملنا‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬حفر‭ ‬خمسة‭ ‬ابار‭ ‬للمياه،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬كافٍ‭ ‬وبالمستوى‭ ‬المطلوب؟

زيارة‭ ‬البابا‭ ‬في‭ ‬اذار‭ ‬2021‭ (‬كان‭ ‬يا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عندما‭ ‬زارنا‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭) ‬

س‭ - ‬كانت‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬للعراق‭ ‬وسهل‭ ‬نينوى‭ ‬حدث‭ ‬تأريخي‭ ‬رسالته‭ ‬العراق‭ ‬وطن‭ ‬الجميع‭ ‬وللجميع،‭ ‬“كلكم‭ ‬إخوة”‭ ‬ونشر‭ ‬المحبة‭ ‬والأمل‭ ‬ستتذكره‭ ‬الأجيال‭ ‬لعقود‭ ‬وسنوات،‭ ‬فماذا‭ ‬بعد‭ ‬الزيارة‭ ‬وهل‭ ‬من‭ ‬نتائج،‭ ‬إنجازات،‭ ‬أم‭ ‬إخفاقات؟‭ ‬وهل‭ ‬تعلمنا‭ ‬كيف‭ ‬نستثمر‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬الزيارة‭:‬

ج‭ ‬–‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬وضعت‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬تحت‭ ‬أضواء‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمية‭ ‬وكانت‭ ‬علامة‭ ‬تاريخية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬واضحاً‭ ‬للبابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬والعالم‭ ‬مدى‭ ‬إيمان‭ ‬الناس‭ ‬وصمودهم‭ ‬وتجذرهم‭ ‬ورغبتهم‭ ‬في‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬أجدادهم‭ ‬التأريخية‭.‬

وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬الزيارة‭ ‬كانت‭ ‬سريعة،‭ ‬وأراد‭ ‬قداسة‭ ‬البابا‭ ‬أن‭ ‬يطّلع‭ ‬بنفسه‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬وكنا‭ ‬نأمل‭ ‬إنجازات‭ ‬كثيرة‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬وليس‭ ‬محدودة،‭ ‬وبسبب‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬البابوية‭ ‬جرت‭ ‬حملات‭ ‬لترميم‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬بعض‭ ‬الكنائس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المنظمات‭ ‬الأجنبية‭ ‬والمحلية،‭ ‬ولكن‭ ‬لسوء‭ ‬الحظ،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬ترميم‭ ‬جميع‭ ‬الكنائس‭ ‬والمواقع‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬أحرقها‭ ‬ودمرها‭ ‬ارهابي‭ ‬داعش‭. ‬ولم‭ ‬تحظ‭ ‬هذه‭ ‬المواقع‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬وأقضيتها‭ ‬بالأولوية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين‭ ‬العراقيين‭. ‬الكنيسة‭ ‬الرئيسية‭ (‬الطاهرة‭) ‬في‭ ‬الحمدانية‭ ‬وبنايات‭ ‬الدير‭ ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬كميدان‭ ‬للرماية‭ ‬وساحات‭ ‬للتدريب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عصابات‭ ‬داعش‭.‬

وأملنا‭ ‬سيبقى‭ ‬حياً‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬المستقبل‭ ‬وبعون‭ ‬الرب‭ ‬وسمحت‭ ‬الظروف‭ ‬ستستمر‭ ‬المساعي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬الأمل‭ ‬وتنمية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المسيحية،‭ ‬ومساعدة‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخدمية‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬العمل‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب،‭ ‬وتقدم‭ ‬الخدمات‭ ‬للمواطنين‭.‬

س‭ - ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الكنائس‭ ‬والمواقع‭ ‬الدينية‭ ‬المدمرة؟

ج‭ - ‬كمناطق‭ ‬لدينا‭ ‬امتدادات‭ ‬دينية،‭ ‬فمثلاً‭ ‬أبرشية‭ ‬القوش‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬باطنايا‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬كنيسة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إعمارها،‭ ‬وفي‭ ‬باقوفا‭ ‬كنائس‭ ‬قديمة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صيانة،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬مراكز‭ ‬كنسية‭ ‬وأديرة‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬الشرقي‭ ‬وفي‭ ‬منطقة‭ ‬الحمدانية‭ ‬هناك‭ ‬كنائس‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الإعمار،‭ ‬وأديرة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ترميم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬الشهادة‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭.‬

لكن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬الكنائس،‭ ‬لنتحدث‭ ‬عن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬المهدمة‭ ‬والمحروقة،‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القرى‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الإعمار‭. ‬ونحن‭ ‬ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬حملة‭ ‬الإعمار‭ ‬التي‭ ‬قادتها‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى،‭ ‬كان‭ ‬هدفنا‭ ‬إعمار‭ ‬البيوت‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وفعلاً‭ ‬عمرنا‭ ‬بيوت‭ ‬المواطنين‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نعمر‭ ‬الكنائس،‭ ‬لأن‭ ‬الكنائس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المواطن‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولا‭ ‬فائدة‭ ‬للكنيسة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الإنسان‭ ‬موجوداً‭ ‬ويعيش‭ ‬بكرامة،‭ ‬لذلك‭ ‬شرعنا‭ ‬في‭ ‬إعمار‭ ‬البيوت‭ ‬المتهدمة‭ ‬والمحروقة‭ ‬أولاً،‭ ‬ثم‭ ‬قمنا‭ ‬بتعمير‭ ‬الكنائس‭ ‬كي‭ ‬تقدم‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الحاجة‭ ‬الضرورية‭ ‬لها،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الكنسية‭ ‬متهدمة‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬وترميم‭.‬

ومن‭ ‬المفرح‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬كنائس‭ ‬الموصل‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيلها‭ ‬بالأموال‭ ‬المخصصة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفاتيكان‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬ونأمل‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬ميزانية‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬الأماكن‭ ‬الدينية‭ ‬ضمن‭ ‬ميزانياتها‭ ‬وخططها‭ ‬المستقبلية‭.‬

ما‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬الكنيسة‭ ‬المسيحية‭ ‬ومستقبل‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬العراق

س‭ - ‬الاحصائيات‭ ‬والأرقام‭ ‬تتكلم‭ ‬ونحن‭ ‬نتألم‭ - ‬بعد‭ ‬25‭ ‬سنة‭ ‬بحساب‭ ‬الزمان‭ ‬قبل‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬2003‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬المسيحيين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬والان‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬ومناظر‭ ‬دمار‭ ‬الموصل‭ ‬وكنائس‭ ‬حوش‭ ‬البيعة‭ ‬وقره‭ ‬قوش‭ ‬وباطنايا‭ ‬تحكي‭ ‬القصة‭ ‬ومن‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬مسيحيي‭ ‬العراق‭ ‬والمكونات‭ ‬هم‭ ‬ضعفاء‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬تم‭ ‬تهجير‭ ‬خيرة‭ ‬ناسه،‭ ‬ولنكن‭ ‬واقعيين‭ ‬فالمسيحية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬فماذا‭ ‬يخفي‭ ‬لنا‭ ‬المستقبل؟

ج‭ - ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الصعب‭ ‬يصادفني‭ ‬كثيراً،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬انعطافات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬التأريخ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التكهن‭ ‬بها،‭ ‬والمستقبل‭ ‬يبقى‭ ‬غامضاً‭ ‬وهناك‭ ‬حسابات‭ ‬ايمانية‭ ‬وجذوة‭ ‬حارة‭ ‬ومستمرة‭ ‬قد‭ ‬تقودنا‭ ‬صوب‭ ‬الإجابة‭ ‬الصحيحة‭ ‬فالتحديات‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬والمشكلة‭ ‬ليست‭ ‬سياسية‭ ‬ودينية‭ ‬واقتصادية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬فكرية‭ ‬ثقافية‭ ‬مجتمعية‭ ‬وقانونية،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬خطوات‭ ‬دستورية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬المكونات‭ ‬وحماية‭ ‬الأراضي‭ ‬والممتلكات،‭ ‬والعبرة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬وعدالة‭ ‬وتطبيق‭ ‬القوانين‭. ‬

وبسبب‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬يعاني‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬المستمر‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬سببها‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬منذ‭ ‬2003‭ ‬وفترات‭ ‬احتلال‭ ‬داعش،‭ ‬وتعد‭ ‬الهجرة‭ ‬وفقدان‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهنا‭ ‬اليوم‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬استتاب‭ ‬الأمن‭ ‬وإنعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي‭ ‬وإبعاد‭ ‬منطقة‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬عن‭ ‬الصراعات‭ ‬السياسية‭ ‬والمحلية‭. ‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يتعين‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬المجتمعات‭ ‬المسيحية‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬تتطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬الخيرية‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التزام‭ ‬وتفاني‭ ‬المؤمنين‭ ‬المحليين‭. ‬وعلينا‭ ‬ان‭ ‬نؤسس‭ ‬علاقات‭ ‬وأواصر‭ ‬متينة‭ ‬بين‭ ‬الجميع‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬المحبة‭ ‬والتعاون‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬حتى‭ ‬وان‭ ‬اختلفنا‭ ‬في‭ ‬الانتماء‭ ‬الديني‭ ‬والمذهبي‭ ‬متجاوزين‭ ‬كل‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬حائلا‭ ‬دون‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬وتوظيفها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭.‬

التمسك‭ ‬بالأرض‭ ‬والهوية‭ ‬المسيحية‭ ‬والوطنية

س‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬الجغرافية‭ ‬تتحكم‭ ‬بالتأريخ،‭ ‬والحكومات‭ ‬المحلية‭ ‬ضعيفة‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الممتلكات‭ ‬والحقوق‭ ‬الفردية‭ ‬والمدنية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬احادي‭ ‬ودستور‭ ‬ديني‭ ‬والعراق‭ ‬الذي‭ ‬يطفو‭ ‬على‭ ‬بحر‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬والتاريخ،‭ ‬لكن‭ ‬العراقيون‭ ‬لا‭ ‬يحافظون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬جواهر‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭ ‬وكل‭ ‬نظام‭ ‬ومن‭ ‬يأتي‭ ‬يمحي‭ ‬ما‭ ‬قبله‭. ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬قبس‭ ‬ما‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬التآخي‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬المنطقة؟

ج‭ - ‬أولوياتنا‭ ‬هي‭ ‬الأمن‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬وبناء‭ ‬العلاقات‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬أعمال‭ ‬مستقرة‭ ‬وتطوير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي‭ ‬وتمكين‭ ‬الناس‭ ‬واستعادة‭ ‬الأمل‭ ‬والتعاون‭ ‬المجتمعي‭ ‬وفق‭ ‬الأعراف‭ ‬التأريخية‭ ‬ومبادئ‭ ‬العيش‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬مكونات‭ ‬المنطقة‭ ‬بسلام‭ ‬وانسجام‭. ‬

بالطبع‭ ‬يحكم‭ ‬هذه‭ ‬الاعراف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أصول‭ ‬وقوانين‭ ‬لأجل‭ ‬تنظيم‭ ‬العلاقات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الافراد‭ ‬ومجتمعهم‭ ‬يدعمها‭ ‬ايمان‭ ‬الجماعة‭ ‬بالخير‭ ‬والنظام‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الاخلاق‭ ‬والارض‭ ‬والخير‭ ‬العام‭. ‬ولكل‭ ‬مجتمع‭ ‬عِرفه‭ ‬المتبع‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬بسبب‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرة‭ ‬والدروس‭ ‬لكي‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬الأخطاء‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬وصحيح‭ ‬ويتنعم‭ ‬بالسلام‭.‬

ونحن‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الصعوبات‭ ‬والمحن‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬الأمل‭ ‬ونهتم‭ ‬بالأعراف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الواجب‭ ‬صيانتها‭ ‬والتي‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬ايماننا‭ ‬واخلاقنا،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬ارضنا‭ ‬ومجتمعنا،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬مصلحتنا‭ ‬وعلاقتنا‭ ‬مع‭ ‬الجار‭ ‬وتبادل‭ ‬الاحترام‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬الخصوصية‭. ‬بالطبع‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تنشده‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬تختلف‭ ‬دينيا‭ ‬وعرقيا‭. ‬الاعراف‭ ‬تعلمنا‭ ‬ان‭ ‬نحترم‭ ‬عرف‭ ‬الاخرين‭ ‬المختلف‭ ‬وتطالبهم‭ ‬باحترام‭ ‬عرفنا‭ ‬ايضا‭. ‬ان‭ ‬تطبيق‭ ‬الاعراف‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ابدا‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬عنصري‭ ‬تجاه‭ ‬الغير،‭ ‬ولكن‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الخصوصية‭. ‬الاعراف‭ ‬الاصيلة‭ ‬هي‭ ‬خطوط‭ ‬حمراء‭ ‬تستحق‭ ‬الاحترام‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬بأية‭ ‬حال‭ ‬ان‭ ‬تضرب‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬او‭ ‬تفسر‭ ‬حسب‭ ‬رغبة‭ ‬فردية‭ ‬او‭ ‬نفعية‭ ‬او‭ ‬لذرائع‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭. ‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬الى‭ ‬التعاون‭ ‬وتكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬عملية‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعنا‭ ‬وذلك‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الا‭ ‬بالعمل‭ ‬والتآلف‭ ‬وكسر‭ ‬الحواجز‭ ‬وازالة‭ ‬العثرات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬عرقلة‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬وعلينا‭ ‬ان‭ ‬نستثمر‭ ‬ونعمل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تذليل‭ ‬كافة‭ ‬الصعوبات‭ ‬خصوصا‭ ‬اننا‭ ‬نعيش‭ ‬تحديات‭ ‬عالمية‭ ‬وصراعات‭ ‬وتناحرات‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬،‭ ‬واجبنا‭ ‬ان‭ ‬نقف‭ ‬معا‭ ‬متحدين‭ ‬ونتمسك‭ ‬بقوة‭ ‬الايمان‭ ‬والكنيسة‭ ‬،‭ ‬لنعود‭ ‬الى‭ ‬الماضي‭ ‬البعيد‭ ‬ونجعل‭ ‬من‭ ‬آبائنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬يدا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬خير‭ ‬المجتمع‭ ‬مثالا‭ ‬نقتدي‭ ‬به‭ ‬لمواجهة‭ ‬الصعوبات‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬مكانتنا‭ ‬الروحية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬وحفظ‭ ‬التراث‭.‬

حفظ‭ ‬التراث‭ ‬واللغة‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬في‭ ‬المهجر؟‭ ‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العراقيين‭ ‬الكلدان‭ ‬يعيشون‭ ‬ويندمجون‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬الغرب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬معظمهم‭ ‬ظلوا‭ ‬مرتبطين‭ ‬ببلدهم‭ ‬الأصلي،‭ ‬ومتصلين‭ ‬بأقاربهم‭ ‬وأصدقائهم‭ ‬ووطنهم،‭ ‬ومتعلقين‭ ‬بثقافتهم‭ ‬الأصلية،‭ ‬ولغتهم‭ ‬الأم،‭ ‬وحريصين‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هويتهم‭ ‬العراقية‭ ‬المسيحية‭ ‬الوطنية‭. ‬ولكن‭ ‬للزمان‭ ‬والمكان‭ ‬احكام‭ ‬وذوبان‭ ‬الأجيال‭ ‬في‭ ‬بحور‭ ‬المهجر‭ ‬الأمريكي‭ ‬امر‭ ‬حتمي‭ ‬وزمني‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إيقافه،‭ ‬ولكن‭ ‬بالإمكان‭ ‬تأجيله‭ ‬باتباع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬فمثلاً‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬المدارس‭ ‬تؤام‭ ‬للكنائس‭ ‬إلا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬أمريكا؟‭ ‬فهل‭ ‬لدينا‭ ‬خارط‭ ‬طريق‭ ‬لهندسة‭ ‬المستقبل؟‭ ‬ماهي‭ ‬رؤيتكم‭ ‬وتوصياتكم؟

ج‭ - ‬التعليم‭ ‬والإيمان‭ ‬هما‭ ‬منارة‭ ‬الأمل‭ ‬للمواطنين‭ ‬العائدين‭. ‬فالتعليم‭ ‬والمدارس‭ ‬والمعلمين‭ ‬كانوا‭ ‬أساسيين‭ ‬عندنا‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬وكانت‭ ‬مهنة‭ ‬التعليم‭ ‬تاريخيا‭ ‬أفضل‭ ‬مساهمة‭ ‬للمسيحين‭ ‬في‭ ‬ريادة‭ ‬التعليم‭ ‬المبكر‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الأيمان‭ ‬والتعليم‭ ‬اساسيان‭ ‬في‭ ‬بناء،‭ ‬وتنمية‭ ‬المجتمع،‭ ‬وحفظ‭ ‬التقاليد‭ ‬والأعراف‭.  ‬وكما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أيام‭ ‬زمان،‭ ‬فإن‭ ‬الجالية‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬مدارس‭ ‬خاصة‭ ‬تعنى‭ ‬بتدريس‭ ‬مبادئ‭ ‬اللغة‭ ‬الكلدانية‭ ‬قراءة‭ ‬وكتابة‭ ‬وكلام‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬المجموعة‭ ‬الابتدائية‭ ‬والأصغر‭ ‬سنًا‭. ‬ولربما‭ ‬الاعراف‭ ‬واللغة‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬بعض‭ ‬العوائل‭ ‬ليست‭ ‬مهمة‭ ‬وتعتبر‭ ‬خروج‭ ‬عن‭ ‬المدنية‭ ‬الغربية‭ ‬او‭ ‬انها‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬التنظير‭ ‬خاطئ‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬خليط‭ ‬نجد‭ ‬فيه‭ ‬المكسيكي‭ ‬والهندي‭ ‬والأسيوي‭ ‬والعربي‭ ‬يتكلم‭ ‬بلغته‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬الاعراف‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬خصوصية‭ ‬الشخص‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬مختلط‭ ‬الثقافات‭ ‬واللغات‭ ‬ويدعم‭ ‬مصلحة‭ ‬المكونات‭.‬

ومن‭ ‬الغريب‭ ‬انني‭ ‬اشاهد‭ ‬بعض‭ ‬المتناقضات،‭ ‬فمثلاً‭ ‬نجد‭ ‬البيت‭ ‬عراقي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فالطبخ‭ ‬عراقي‭ ‬والأغاني‭ ‬عراقية‭ ‬والمناسبات‭ ‬والأعراس‭ ‬عراقية‭ ‬وأباء‭ ‬وامهات‭ ‬يتحدثون‭ ‬العربية‭ ‬والسورث‭ ‬مع‭ ‬أبنائهم،‭ ‬ولكن‭ ‬الصغار‭ ‬يجاوبون‭ ‬بالإنكليزية‭ ‬ويصلون‭ ‬بالإنكليزية‭.‬

‭ ‬نحن‭ ‬نعلم‭ ‬بأن‭ ‬الصغار‭ ‬يتعلمون‭ ‬بحكم‭ ‬المدارس‭ ‬والبيئة‭ ‬والمجتمع‭ ‬وضرورات‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللغة‭ ‬الإنكليزية‭ ‬بسهولة‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يلغي‭ ‬اهميتها،‭ ‬ولكني‭ ‬اشعر‭ ‬بالفرح‭ ‬عندما‭ ‬أزور‭ ‬بعض‭ ‬البيوت‭ ‬واشاهد‭ ‬كيف‭ ‬يتكلم‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬مع‭ ‬أطفالهم‭ ‬بلغتنا‭ ‬السورث‭ ‬بل‭ ‬ويصلون‭ ‬معهم،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يكفي،‭ ‬إذ‭ ‬نريد‭ ‬طقوس‭ ‬وقداديس‭ ‬أكثر‭ ‬بالسورث‭ ‬ونتمنى‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬للجالية‭ ‬مدارس‭ ‬ومراكز‭ ‬ثقافية‭ ‬أكثر‭ ‬تعتني‭ ‬بالثقافة‭ ‬واللغة‭ ‬والتراث‭.  ‬

وأنا‭ ‬سعيد‭ ‬جدا‭ ‬لقيامكم‭ ‬ببناء‭ ‬فرع‭ ‬جديد‭ ‬للمؤسسة‭ ‬يحوي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأرشيف‭ ‬الثقافي‭ ‬للجالية‭ ‬ومكتبة،‭ ‬ومسرح‭ ‬وقاعة‭ ‬للفعاليات‭ ‬التعليمية‭ ‬وخدمات‭ ‬لمؤسسة‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ويست‭ ‬بلومفيلد‭ ‬وسيضم‭ ‬جناح‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬التراثي‭ ‬الكلداني‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ويست‭ ‬بلومفيلد‭ ‬وسنعمل‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬معكم‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مقتنيات‭ ‬الإبادة‭ ‬–‭ ‬بسبب‭ ‬داعش‭.‬

تشجيع‭ ‬الزيارات‭ ‬لأرض‭ ‬الوطن‭ ‬

ج‭ - ‬أملي‭ ‬هو‭ ‬بالجيل‭ ‬الجديد‭ ‬والشباب‭ ‬الصاعد‭ ‬وأن‭ ‬اشاهد‭ ‬رحلات‭ ‬شبابية‭ ‬سنوية‭ ‬للطلاب‭ ‬والشباب‭ ‬الى‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬والعراق‭ ‬وزيارة‭ ‬البلدات‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬الجغرافية‭ ‬والتأريخ‭ ‬والكنائس‭ ‬والمزارات‭ ‬وتبني‭ ‬البرامج‭ ‬المشتركة‭ ‬ودعم‭ ‬تشجيع‭ ‬تصنيع‭ ‬وشراء‭ ‬المنسوجات‭ ‬والأزياء‭ ‬اليدوية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬نساء‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬بيوتهن‭ ‬وتسويق‭ ‬منتوجات‭ ‬المزارعين‭ ‬المحلية‭. ‬وهذه‭ ‬فرص‭ ‬ذهبية‭ ‬ومهمة‭ ‬ليكون‭ ‬المرء‭ ‬حصة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يسمع‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬عقر‭ ‬دارها‭ ‬ويدخل‭ ‬عالم‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ويرى‭ ‬الأزياء‭ ‬ويخلق‭ ‬صداقات‭ ‬وعلاقات‭ ‬سيما‭ ‬ونحن‭ ‬نعاصر‭ ‬تقنيات‭ ‬العصر‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

وكمثال‭ ‬لهذا‭ ‬زارنا‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬كشرو‭ ‬الشبابية‭ ‬والبالغ‭ ‬عددهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬شاب‭ ‬وشابة‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ ‬امريكا‭ ‬وكندا‭ ‬واستراليا‭ ‬واوربا‭ ‬وقاموا‭ ‬بزيارة‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬وقرى‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬السهل‭ ‬والجبل‭ ‬وبحضور‭ ‬الاب‭ ‬سليمان‭ ‬حنا‭ ‬كاهن‭ ‬كنيسة‭ ‬القوش‭. ‬ومنظمة‭ ‬كشرو‭ (‬كشرا‭) ‬هي‭ ‬منظمة‭ ‬شبابية‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬وغير‭ ‬ربحية‭ ‬تنظم‭ ‬رحلات‭ ‬سنوية‭ ‬الى‭ ‬ارض‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬انحاء‭ ‬العالم‭ ‬بهدف‭ ‬ربط‭ ‬أبناء‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬المهجر‭ ‬مع‭ ‬الساكنين‭ ‬في‭ ‬الوطن،‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬زيادة‭ ‬الروابط‭ ‬القومية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وتقوية‭ ‬وحفظ‭ ‬اللغة‭ ‬والتذكير‭ ‬بالتراث‭.‬

انطباعات‭ ‬زيارتكم‭ ‬الى‭ ‬أمريكا‭ ‬

س‭ ‬–‭ ‬لقد‭ ‬زرتم‭ ‬وشاهدتم‭ ‬التطور‭ ‬والنمو‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬والمسيحية‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬ميشيغان‭ ‬التي‭ ‬بلغ‭ ‬تعدادها‭ ‬أكثر‭ ‬من185000‭ ‬ألف‭ ‬عراقي‭ ‬مسيحي‭ ‬يدعمون‭ ‬اقتصاد‭ ‬الولاية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬حسب‭ ‬دراسات‭ ‬جامعية‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬أعمالهم‭ ‬ومؤسساتهم‭ ‬فماهي‭ ‬الانطباعات‭ ‬وماهي‭ ‬الأوليات‭ ‬التي‭ ‬تتمنون‭ ‬تحقيقها؟‭ ‬

ج‭ ‬–‭ ‬نعم،‭ ‬لقد‭ ‬سبق‭ ‬وان‭ ‬زرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خمسة‭ ‬مرات‭ ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬كفرصة‭ ‬جديدة‭ ‬للقاء‭ ‬اهلنا‭ ‬وابناء‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬حيث‭ ‬استضافتني‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬والنوادي‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والواجهات‭ ‬الثقافية‭ ‬وتحدثنا‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وعن‭ ‬بلداتنا‭ ‬في‭ ‬سهل‭ ‬نينوى‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬ولمست‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬مدى‭ ‬النمو‭ ‬الإيجابي‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الجالية‭ ‬والتطور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمجتمعي‭ ‬والتعليمي‭ ‬والأكاديمي‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬العوائل،‭ ‬وقد‭ ‬اكد‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬والتواصل‭ ‬معنا‭ ‬لكي‭ ‬تبقى‭ ‬المحبة‭ ‬والارض‭ ‬والوطن‭ ‬تجمعنا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬البعد‭ ‬و‭ ‬العوامل‭ ‬الجغرافية‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬لقائنا‭.‬

واقول‭ ‬للجميع‭ ‬علينا‭ ‬التمسك‭ ‬بالأرض‭ ‬وزرع‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬وان‭ ‬نبقى‭ ‬اوفياء‭ ‬ولا‭ ‬نستغني‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬ونكون‭ ‬قريبين‭ ‬دوما‭ ‬مع‭ ‬اهالينا‭ ‬في‭ ‬ابرشيتنا‭ ‬ونعمل‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬تقديس‭ ‬الخدمة‭ ‬الروحية‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬مواكبة‭ ‬للعصر‭ ‬فليس‭ ‬لدينا‭ ‬طريق‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬العمل‭ ‬يد‭ ‬بيد‭ ‬ونسير‭ ‬معا‭ ‬لتطوير‭ ‬وتقدم‭ ‬المجتمع‭ ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬ان‭ ‬نخدم‭ ‬الا‭ ‬بالإيمان‭ ‬بالرب‭ ‬المسيح‭ ‬رسول‭ ‬الانسانية‭ ‬والسلام‭.‬

هل‭ ‬لديكم‭ ‬أي‭ ‬إضافة‭ ‬تريدون‭ ‬مشاركتها‭ ‬مع‭ ‬قراء‭ ‬مجلة‭ ‬اخبار‭ ‬الكلدان‭ (‬كالديان‭ ‬نيوز‭)‬؟

أود‭ ‬أن‭ ‬أشكركم‭ ‬د‭ ‬عضيد‭ ‬يوسف‭ ‬ميري‭ ‬ومجلة‭ ‬اخبار‭ ‬الكلدان‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المقابلة‭ ‬وعلى‭ ‬جهودكم‭ ‬في‭ ‬تنوير‭ ‬القراء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مطبوعاتكم‭ ‬ونشاطاتكم‭ ‬الإعلامية‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬واعزز‭ ‬تمنياتي‭ ‬لكادر‭ ‬المجلة‭ ‬بالنجاح‭ ‬والتقدم‭ ‬لإغناء‭ ‬الثقافة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬المهجر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تطرحونه‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬والنشاطات‭ ‬المتنوعة‭. ‬

وأود‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬كم‭ ‬نحن‭ ‬معجبين‭ ‬بدور‭ ‬المؤسسات‭ ‬المدنية‭ ‬وسط‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬والعراقية‭ ‬وتطور‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬للمهاجرين‭ ‬الجدد‭ ‬والتوسع‭ ‬الجغرافي‭ ‬والمجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والنشاط‭ ‬الاستثنائي‭ ‬لرئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬وغرفة‭ ‬التجارة‭ ‬الكلدانية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مارتن‭ ‬منّا‭ ‬وخبرات‭ ‬الفريق‭ ‬الإداري‭ ‬والخدمي‭.‬

مجلة‭ ‬اخبار‭ ‬الكلدان‭ ‬تقدم‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬

للمطران‭ ‬ثابت‭ ‬مواقف‭ ‬جريئة‭ ‬وثابتة‭ ‬تستحق‭ ‬الاهتمام‭ ‬والثناء‭ ‬إذ‭ ‬قام‭ ‬عبر‭ ‬الأعوام‭ ‬بخدمات‭ ‬متميزة‭ ‬لرعيته‭ ‬في‭ ‬كرمليس‭ ‬و‭ ‬ابرشية‭ ‬الموصل‭ ‬والنازحين‭ ‬وسعى‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المخطوطات‭ ‬التاريخية‭ ‬والوثائق‭ ‬الكنسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقاس‭ ‬بثمن،‭ ‬وعمل‭ ‬قبل‭ ‬التهجير‭ ‬الداعشي‭ ‬واثناء‭ ‬النزوح‭ ‬و‭ ‬بعد‭ ‬العودة‭ ‬بدور‭ ‬فعال‭ ‬وجهد‭ ‬ثابت‭ ‬،‭ ‬وبدورها‭ ‬تثمن‭ ‬وتقدر‭ ‬اسرة‭ ‬مجلة‭ ‬اخبار‭ ‬الكلدان‭  ‬مبادرات‭ ‬المطران‭ ‬الجليل‭ ‬بولص‭ ‬ثابت‭ ‬وتتمنى‭ ‬له‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬خدمته‭ ‬ورسالته‭ ‬السامية‭ ‬وتقوية‭ ‬الحضور‭ ‬الكلداني‭ ‬في‭ ‬أبرشيته،‭ ‬وتشكر‭ ‬ما‭ ‬تفضل‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أجوبة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬درس‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬الإنسانية‭ ‬يتعلم‭ ‬منها‭ ‬الجميع‭ ‬الإيمان‭ ‬والأمل‭ ‬والمحبة‭ ‬والعدالة‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬الصحيح‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬لكي‭ ‬يعيش‭ ‬الجميع‭ ‬بالسلام‭ ‬والوئام‭ ‬الذي‭ ‬ينشده‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬يحترم‭ ‬انسانيته،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬الرب‭ ‬في‭ ‬مباركته‭ ‬ومباركة‭ ‬كنيسته‭ ‬وابرشيته‭.‬