بناء جسور التعاون بين الوطن والأمم -
مخطوطة قديمة تم إنقاذها من داعش
جهود غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية في الدعم والمناصرة وضمان مستقبل المسيحيين في العراق
بقلم سارة كيتل
في عام 2023، احتفلت غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسها، كما تزامن ذلك على مرور عقدين من جهود الدعم والمناصرة لأعضاء المجتمع الكلداني في ولاية ميشيغان وفي العراق وجميع أنحاء العالم. وبناءً على هذا الإنجاز المهم، وسّعت غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية جهودها، مع التركيز بشكل خاص على محنة المجتمعات المسيحية في العراق. وجاءت فرصة محورية في فبراير 2025، عندما قررت مجموعة من اعضاء غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية السفر الى العاصمة واشنطن للقاء مسؤولين رئيسيين لغرض اطلاعهم عن أخر المستجدات والتحديات والصعوبات التي يلاقيها المسيحيون في العراق. شمل الوفد الرئيس مارتن منّا، ومعه نائب الرئيس التنفيذي كيفن دنحا، ونائب الرئيس كيفن جبايا، والمستشار القانوني مايك صرافة.
كانت الرحلة قصيرة، ولكنها مؤثرة حيث وصل الوفد إلى مطار رونالد ريغان الوطني في واشنطن وسجل وصوله في فندق (والدورف أستوريا) الشهير في شارع بنسلفانيا، على مرمى حجر من البيت الأبيض، حيث عقدوا العديد من الاجتماعات الحاسمة في عاصمة البلاد واشنطن.
اليوم الأول: الدفاع عن المجتمع المسيحي في العراق
كان أول لقاء للوفد مع عضوة الكونجرس الأمريكي (ليزا ماكلين)، التي تمثل الدائرة التاسعة في ميشيغان، التي تضم أجزاء من مقاطعتي ماكومب وأوكلاند – وهما مركز سكني مهم لأكبر عدد من السكان الكلدان في الولاية. وتشغل ليزا ماكلين، منصب رئيسة مؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب، وتدافع باستمرار واصرارعن مصالح ولاية ميشيغان، فضلاً عن قضايا السياسة الأوسع نطاقًا مثل الدفاع الوطني والهجرة وشؤون المحاربين القدامى.
استغل أعضاء وفد غرفة التجارة الفرصة للتحدث مع ماكلين حول التحديات التي تواجه المجتمعات المسيحية الأصيلة في العراق، والدعوة إلى المزيد من الدعم والاهتمام من صناع السياسات في الولايات المتحدة لدعم حقوق المكونات الصغيرة والمسيحيون في عموم العراق.
وفي نفس المساء استضاف السفير (نزار الخير الله)، سفير جمهورية العراق لدى الولايات المتحدة أعضاء الوفد في مأدبة عشاء، تناول خلالها المجتمعين مزيد من المناقشات المتعمقة حول التحديات التي تعانيها الأقليات والفرص المتاحة للمجتمعات المسيحية في العراق، وخاصة فيما يتعلق بالتبادل الثقافي، والتعليم وحماية التراث والحقوق.
اليوم الثاني: المزيد من المناصرة والاجتماعات الرئيسية
كان اليوم الثاني من الرحلة حافلاً بعدد من اللقاءات، بدأت باجتماع مهم مع (مات مويرز)، المستشار السابق للبيت الأبيض في وزارة الخارجية الأمريكية ورئيس شركة فالكور، وهي شركة استراتيجية عالمية. يتمتع مويرز بخبرة واسعة في الأمن القومي والدبلوماسية الخارجية، حيث عمل على قضايا دولية وبرامج رئيسية، بما في ذلك كوريا الشمالية وتنظيم الدولة الإسلامية، وسوف يُساعد غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية في إنشاء مكتب لها في واشنطن العاصمة، الذي سيكون حدثًا بارزًا آخراً في سجل تاريخ إنجازات الغرفة الكلدانية الذي يمتد لعشرين عامًا.
كما التقى الوفد بالنائب (دارين لحود)، عضو لجنة الوسائل والطرق القوية والمؤثرة في مجلس النواب الأمريكي التي تتعامل مع الضرائب والتجارة والضمان الاجتماعي، سيما وإن دور لحود في اللجنة محوري ومهم جداً عند تشكيل الإجراءات التشريعية الرئيسية التي تؤثر على كل من الولايات المتحدة والعراق. كما ويلعب النائب لحود دورًا حاسمًا في المساعدة وتشكيل السياسة الأمريكية تجاه العراق مع التركيز على التحديات التي يواجهها المسيحيون العراقيون.
شارك الوفد ايضاً في فعاليات يوم (إفطار الصلاة الوطني) الذي شمل وأدى إلى اجتماع خاص مع (مسعود بولس)، مستشار الرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط، حيث بشّر الاجتماع توافق إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بشأن بنود جدول الأعمال المتعلقة بحقوق الأقليات وأتاح لوفد ميشيغان فرصة ثمينة لمناقشة وجهات النظر حول العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وجمهورية العراق.
وكان وأحد من أهم الاجتماعات في ذلك اليوم هو لقاء السناتورة (اليسا سلوتكين)، المحللة السابقة في وكالة المخابرات المركزية والتي لها دور كبير وصوت رئيسي في مسائل الأمن القومي. وتأتي الخبرة الواسعة التي تتمتع بها سلوتكين في الحكومة الأمريكية، وخاصة عملها في العراق بعد 2003 وكذلك ميشيغان، ما يجعلها حليفًا مثاليًا في مهمة الدفاع عن حقوق المجتمع الكلداني والأقليات والمكونات الأخرى في العراق.
لقاء تاريخي في العراق
بعد العودة إلى ولاية ميشيغان، أخذ الوفد جهوده في المناصرة والدعم التي بذلها مع المسؤولين في العاصمة واشنطن صوب العراق، وفي حدث مهم وتطور تاريخي، سافر وفد من أعضاء غرفة التجارة والجالية الى العراق في 18 فبراير 2025 بدعوة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وبعد لقاء الوفد أصدر دولة رئيس الوزراء السوداني بيانًا يدعم فيه إنشاء صندوق جديد لإعادة إعمار سنجار وسهل نينوى، فضلاً عن إنشاء لجنة لمراجعة تنفيذ المادة 125 التي تتناول تشكيل وحدات إدارية جديدة للمجتمعات والأقليات في العراق.
كما وبيّن رئيس الوزراء السوداني معرفته بالتحديات التي يفرضها الإرهاب في العراق، ولكنه أكد على أن الحكومة العراقية ملتزمة بتلبية احتياجات جميع المواطنين، بما في ذلك المسيحيين. وسلط الأضواء على العديد من التدابير الرئيسية، تدعم عودة العراقيين من الشتات، وتعزيز التعايش في المناطق المتضررة من الإرهاب، وإنشاء صندوق لدعم إعادة بناء القرى والبلدات في هذه المناطق.
وبالإضافة إلى ذلك اللقاء وغيره، أتيحت للوفد الفرصة للوفد للقاء رئيس جمهورية العراق (عبد اللطيف رشيد)، الذي تعهد بدعم إلغاء قانون حظر الكحول في العراق - وهي الخطوة التي يُنظر إليها بأهمية كبيرة لحفظ الحريات الثقافية والدينية والمجتمعية.
دعم التعليم والحريات الدينية
كانت المحطة التالية للوفد لقاء مع (الدكتور مايكل مولنيكس) في بناية الجامعة الأمريكية في العراق - بغداد. وخلال الزيارة، سلط السيد مارتن منّا الضوء على الوجود الكبير لأكثر من 200 ألف كلداني عراقي في منطقة مترو ديترويت ومساهماتهم البالغة 18 مليار دولار في دعم الاقتصاد المحلي والتجاري لولاية ميشيغان، وأكد منّا على أهمية تعزيز التنوع والشمول داخل مجتمع الجامعة مع الدعوة لحماية السكان الأصليين في العراق.
تقع بنايات الجامعة في أحد مواقع وقصور الرئيس السابق صدام حسين في منطقة الرضوانية، وتضم 400 عضو هيئة تدريس وآلاف الطلاب، ويخدم السيد مارتن منّا حاليًا كعضو في مجلس إدارتها. وفي منزل عائلة (السيد سعدي وهيّب صيهود) مؤسس الجامعة الذي تعهد برعاية تعليم عشرة طلاب مسيحيين، والالتزام بتعزيز الفرص التعليمية للشباب المسيحي في العراق.
وفي اجتماعات أخرى مع الزعماء الدينيين، بما في ذلك زيارة (غبطة البطريرك مار لويس ساكو) في مقره ببغداد، عزز الوفد تعهداتهم ومتابعة جهود مناصرتهم ودعمهم للمسيحيين في العراق. وأشار الوفد إلى أن الوضع الأمني في العراق قد تحسن بشكل ملحوظ، ورغم ان هناك ما تزال بعض التحديات قائمة، إلا أن البلاد تُعتبر الآن أكثر أمانًا لمواطنيها، بما في ذلك استقرار عوائل المجتمع المسيحي في البلاد.
من بغداد، انتقل الوفد إلى الموصل حيث استقبلهم محافظ نينوى وحشد كبير من وسائل الإعلام، وتم عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن الموافقة لست مشاريع مقترحة ومقدمة سابقًا للمساعدة في إعادة بناء القرى المسيحية وتحسين نوعية الحياة والاقتصاد في ذلك الجزء من العراق. بعدها رافق المحافظ أعضاء الوفد في جولة إلى عدة أماكن في مدينة الموصل بما في ذلك مواقع العديد من الكنائس المسيحية - بعضها كانت مفتوحة وجاهزة للزيارات والآخرى مازالت قيد الترميم وهي تحت اعمال إعادة البناء بعد تدميرها من قبل عصابات ومجرمي داعش. كما وشملت الجولة زيارات تاريخية إلى بلدات تلكيف، وباطنايا، وقراقوش.
يُمثل عمل غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية الذي تقوم به في كلٍ من العاصمة واشنطن والعراق سعياً ايجابياً وجهدًا مستمرًا لمعالجة مخاوف المجتمعات المسيحية في العراق وتعزيز أدوار التعايش ودعم الحرية الدينية وضمان التنمية في المنطقة. ومن خلال هذه الاجتماعات والالتزامات رفيعة المستوى مع المسؤولين وأصحاب القرار، تواصل الغرفة سد الفجوات ولفت الانتباه إلى محن الأقليات والمكونات، وتعزز اهدافها واستراتيجيتها ومساعيها في ضمان بيان حجم معاناة المسيحيين وإعلاء أصوات المكونات الأصيلة وسماع حقوقهم الوطنية في العراق وعلى الساحة العالمية.