نكبات‭ ‬ومأسي‭ ‬ومحن‭ ‬الأزيدية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ (‬الجزء‭ ‬الأول‭)‬

Displaced Yazidis fleeing ISIS in Sinjar walk toward the Syrian border in August 2014

بقلم‭ ‬د‭ ‬عضيد‭ ‬ميري

من‭ ‬بين‭ ‬سلسلة‭ ‬مقالات‭ ‬مجلة‭ ‬اخبار‭ ‬الكلدان‭ ‬حول‭ ‬محن‭ ‬المكونات‭ ‬الأصيلة‭ ‬والأقليات‭ ‬العرقية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬العراق‭  ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬كتبنا‭ ‬عن‭ ‬أبناء‭ ‬خالتنا‭ ‬الصابئة‭ ‬المندائيين‭ (‬عدد‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬ص‭ ‬38‭-‬36‭)‬،‭ ‬وسنتناول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬مكون‭ ‬عراقي‭ ‬اخر‭ ‬هو‭ ‬ألأزيديون،‭ ‬وبدورنا‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬الضوء‭ ‬ولمحات‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬العميق‭ ‬لهذا‭ ‬المكون‭ ‬الأصيل‭ ‬وبعض‭ ‬مما‭ ‬يحتاجه‭ ‬القارئ‭ ‬لمعرفة‭ ‬تاريخ‭ ‬وعقيدة‭ ‬ومعيشة‭ ‬ومحنة‭ ‬ومأساة‭ ‬المجتمع‭ ‬الأزيدي‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

استندنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬الى‭ ‬مصادر‭ ‬وكتب‭ ‬وجهود‭ ‬متميزة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬كتاب‭ ‬وباحثين‭ ‬ومؤرخين‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬توضيح‭ ‬حقيقة‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬ألأزيديون‭ ‬ودراسات‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬معتقداتهم‭ ‬وكتبهم‭ ‬الدينية‭ ‬وعشائرهم‭ ‬وعاداتهم‭ ‬والبيئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬واخبارهم‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬الشيخان‭ ‬وسنجار‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬الكتاب‭ ‬والمؤلفين‭ ‬المرموقين‭ ‬نذكر‭ ‬المؤرخ‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحسني‭ ‬وكتبه‭ (‬عبدة‭ ‬ابليس‭ ‬وكتاب‭ ‬اليزيديون‭ ‬في‭ ‬حاضرهم‭ ‬وماضيهم‭ ‬1951‭) ‬،‭ ‬وكتاب‭ (‬عبدة‭ ‬ابليس‭) ‬لمؤلفه‭ ‬نوري‭ ‬باشا‭ ‬والي‭ ‬الموصل‭ ‬ونقله‭ ‬محمود‭ ‬فخري‭ ‬عام‭ ‬1913‭) ‬والكاتب‭ ‬الموصلي‭ ‬صديق‭ ‬الدملوجي‭ (‬اليزيدية‭ ‬1949‭)‬،‭ ‬وعباس‭ ‬العزاوي‭ (‬تاريخ‭ ‬اليزيدية‭ ‬واصل‭ ‬عقيدتهم‭ ‬1935‭) ‬وسعيد‭ ‬الديهوجي‭ (‬اليزيدية‭ ‬وتأريخ‭ ‬الموصل‭ ) ‬والقاضي‭ ‬زهير‭ ‬كاظم‭ ‬عبود‭ (‬لمحات‭ ‬عن‭ ‬اليزيدية‭ ‬1994‭) ‬والدكتور‭ ‬سامي‭ ‬سعيد‭ ‬الأحمد‭ (‬اليزيدية‭ -‬احوالهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬1971‭) ‬و‭(‬اليزيدية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وسنجار‭ ‬–‭ ‬لمؤلفه‭ ‬روجيه‭ ‬ليسكو‭ - ‬ترجمة‭ ‬احمد‭ ‬أمين‭). ‬ان‭ ‬النصوص‭ ‬الشرقية‭ ‬والمترجمة‭ ‬المتوفرة‭ ‬وكذلك‭ ‬قلة‭ ‬وندرة‭ ‬التدوين‭ ‬اليزيدي‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بملأ‭ ‬الفراغ‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬المأثور‭ ‬الديني‭ ‬انتقل‭ ‬إليهم‭ ‬وفيما‭ ‬بينهم‭ ‬كان‭ ‬شفهيا،‭ ‬وهناك‭ ‬كتيبات‭ ‬قليلة‭ ‬تُعتبر‭ ‬الأدب‭ ‬المقدس‭ ‬للطائفة‭ ‬أهمها‭ ‬كتاب‭ ‬الجلوة‭ (‬كتاب‭ ‬الوحي‭) ‬والمصحف‭ ‬الأسود،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬مصير‭ ‬ومكان‭ ‬وجود‭ ‬هذين‭ ‬الكتابين‭ ‬الذي‭ ‬اعيد‭ ‬كتابتها‭ ‬وتغيرت‭ ‬نصوصها‭ ‬ومضمونها‭ ‬ومصداقيتها‭ ‬ويُعتقد‭ ‬ان‭ ‬أصولها‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬كتابات‭ ‬رهبان‭ ‬ميزوبوتاميا‭ ‬العليا‭.‬

مقدمة

الأزيديون‭ (‬أو‭ ‬اليزيديون‭) ‬هم‭ ‬مجموعة‭ ‬أقلية‭ ‬ناطقة‭ ‬باللغة‭ ‬الكًرمانجية‭ ‬وهم‭ ‬السكان‭ ‬الأصليون‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬العراق‭ ‬وكردستان‭ ‬ومناطق‭ ‬جغرافية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬آسيا‭ ‬تشمل‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وتركيا‭ ‬وإيران‭ ‬وأرمينيا‭ ‬وروسيا‭ ‬ويتجمع‭ ‬معظم‭ ‬الأزيديين‭ ‬المتبقين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬محافظتي‭ ‬نينوى‭ ‬ودهوك‭.‬

وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬العالمي‭ ‬للأزيديين‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬يتركز‭ ‬معظمهم‭ ‬في‭ ‬الشيخان‭ ‬وسنجار‭ ‬وما‭ ‬حولهما‭ ‬قرب‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل،‭ ‬وتضم‭ ‬المنطقة‭ ‬أيضاً‭ ‬المركز‭ ‬الديني‭ ‬للطائفة‭ ‬وأقدس‭ ‬بقعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عندهم‭ ‬هو‭ ‬مجمع‭ ‬المعابد‭ ‬الحجرية‭ ‬في‭ ‬لالش‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬واد‭ ‬ضيق‭ ‬في‭ ‬تلال‭ ‬منطقة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭.‬

بقيت‭ ‬هذه‭ ‬البقعة‭ ‬المقدسة‭ ‬مغلقة‭ ‬أمام‭ ‬الغرباء‭ ‬لعدة‭ ‬قرون،‭ ‬وبسبب‭ ‬عزلتهم‭ ‬جغرافياً‭ ‬فهم‭ ‬اعتادوا‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬التمييز،‭ ‬ولكوّنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬عموما‭ ‬ثقافة‭ ‬انعزالية‭ ‬فهم‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬يتزاوجون‭ ‬مع‭ ‬مجموعات‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬ألأزيديون‭ ‬التحول‭ ‬الديني‭ ‬إلى‭ ‬عقيدتهم‭ ‬ويُمنع‭ ‬ويرفض‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتزوجون‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المجتمع‭ ‬فالزواج‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المجتمع‭ ‬محظور‭ ‬والحرمان‭ ‬له‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬إذ‭ ‬يتزاوج‭ ‬اليزيديون‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬اليزيديين‭ ‬الآخرين‭ ‬ويُطرد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتزوجون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الأيزيديين‭ ‬من‭ ‬مجتمعهم‭ ‬ولا‭ ‬يُسمح‭ ‬لهم‭ ‬بأن‭ ‬يطلقوا‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬اسم‭ ‬الأيزيديين‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬العادي‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬إيزيدياً‭.‬

أغلبية‭ ‬الأزيديين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬البسطاء‭ ‬والمزارعين‭ ‬غير‭ ‬المتعلمين‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬شيئاً‭ ‬عن‭ ‬الدنيا‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬سكناهم‭ ‬’‭ ‬واليزيدي‭ ‬يعتبر‭ ‬كريم‭ ‬متواضع‭ ‬ومضياف‭ ‬ويتمتع‭ ‬بأخلاق‭ ‬عالية‭ ‬وشهامة‭ ‬وقيم‭ ‬متوارثة‭ ‬وهو‭ ‬شعب‭ ‬محب‭ ‬للعمل‭ ‬والزراعة‭ ‬ويهتم‭ ‬بالألوان‭ ‬والرقص‭ ‬والأهازيج‭ ‬معتمداً‭ ‬على‭ ‬البساطة‭ ‬وحب‭ ‬المرح‭ ‬وتقديس‭ ‬الربيع‭ ‬وحب‭ ‬الزهور‭ ‬والشمس‭ ‬ويحترم‭ ‬الظواهر‭ ‬الكونية‭. ‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬تشابه‭ ‬الرموز‭ ‬الثقافية‭ ‬بين‭ ‬الكلدان‭ ‬والآشوريين‭ ‬والأزيديين‭ ‬ومناطق‭ ‬تواجدهم‭ ‬وسكنهم‭ ‬تاريخيا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالأسماء‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬بحرف‭ ‬الواو،‭ ‬فمثلا‭ ‬نجد‭ ‬عند‭ ‬الأزيدين‭ ‬أسماء‭ ‬مثل‭ ‬قدو،‭ ‬حدو،‭ ‬حمكو،‭ ‬سفو،‭ ‬رشو،‭ ‬عتو،‭ ‬مسطو،‭ ‬مندو،‭ ‬قولو،‭ ‬وجوكو،‭ ‬وسيدو،‭ ‬ومسطو،‭ ‬إلخ‭ (‬طالع‭ ‬مقالتنا‭ ‬عن‭ ‬أصول‭ ‬الأسماء‭ ‬الكلدانية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬شهر‭ ‬أيار‭ ‬2024‭ ‬ص‭ ‬39‭).‬

الهوية‭ ‬والعرق‭ ‬واللغة

اختلف‭ ‬الكتاب‭ ‬والباحثين‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬واصل‭ ‬اليزيدين،‭ ‬هناك‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬الأراء‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الشعب‭ ‬اليزيدي‭ ‬مجموعة‭ ‬عرقية‭ ‬دينية‭ ‬متميزة‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬فرعية‭ ‬دينية‭ ‬من‭ ‬الأكراد،‭ ‬أم‭ ‬هم‭ ‬مجموعة‭ ‬عرقية‭ ‬إيرانية‭. ‬

فقسم‭ ‬يعتبرهم‭ ‬عرب‭ ‬النسب‭ ‬والأصل‭ ‬وأنهم‭ ‬من‭ ‬قريش‭ ‬وسموا‭ ‬باليزيدية‭ ‬نسبة‭ ‬الى‭ (‬يزيد‭ ‬بن‭ ‬معاوية‭ ‬بن‭ ‬ابي‭ ‬سفيان‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬ارجعهم‭ ‬البعض‭ ‬الأخر‭ ‬الى‭ ‬انهم‭ ‬من‭ ‬الكرد‭ ‬وأن‭ ‬عقيدتهم‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬الأشورية‭ ‬والبابلية‭ ‬والديانات‭ ‬الرافدينية‭ ‬القديمة‭. ‬بينما‭ ‬ربطهم‭ ‬البعض‭ ‬بمجيء‭ (‬الشيخ‭ ‬عدي‭ ‬بن‭ ‬مسافر‭ ‬الأموي‭) ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬الى‭ ‬منطقتهم‭ ‬ومناطق‭ ‬نفوذهم‭ ‬مصلحاً‭ ‬ومرشداً‭ ‬ومتصوفاً،‭ ‬فتبعه‭ ‬وامن‭ ‬بطريقته‭ ‬كثيرون‭.‬

‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يرجع‭ ‬اصولهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬الى‭ ‬بقايا‭ ‬دين‭ ‬قديم‭ ‬جذوره‭ ‬المجوسية‭ ‬والزرادشتية‭. ‬إذ‭ ‬اجمع‭ ‬الباحثون‭ ‬ان‭ ‬كلمة‭ (‬أيزد‭) ‬تعني‭ ‬إله‭ ‬الخير‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬كلمة‭ (‬أيزدين‭) ‬تُعبر‭ ‬عن‭ ‬مدينة‭ ‬فارسية‭ ‬كانت‭ ‬مركزا‭ ‬للديانة‭ ‬الزرادشتية‭. ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الفرضيات‭ ‬لا‭ ‬سند‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التأريخ،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬التأريخ‭ ‬كون‭ ‬الأزيدية‭ ‬كانت‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬طائفة‭ ‬مسلمة‭ ‬او‭ ‬مسيحية،‭ ‬أما‭ ‬ألأزيديون‭ ‬أنفسهم‭ ‬فيقولون‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬تتباين‭ ‬باختلاف‭ ‬المصادر‭ ‬ولا‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬النصوص‭ ‬الدينية‭ ‬الأزيدية‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يمارسونه‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬في‭ ‬الخفية‭ ‬تجري‭ ‬بصمت‭ ‬في‭ ‬مرقد‭ ‬الشيخ‭ ‬عدي‭ ‬في‭ ‬لالش‭ ‬ويعتبر‭ ‬التكتم‭ ‬في‭ ‬اظهار‭ ‬المعتقد‭ ‬فرضا‭ ‬عقائديا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ازيدي‭. ‬

وهناك‭ ‬خلافًا‭ ‬بين‭ ‬الإزيديين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬إذ‭ ‬يُعرف‭ ‬بعض‭ ‬الأزيديين‭ ‬المعاصرين‭ ‬أنفسهم‭ ‬عرقياً‭ ‬بأنهم‭ ‬مجموعة‭ ‬فرعية‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الكردي‭. ‬ويرى‭ ‬آخرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بهوية‭ ‬عرقية‭ ‬مميزة‭ ‬مثل‭ ‬الأزيديين‭. ‬وتتم‭ ‬ملاحظة‭ ‬الممارسات‭ ‬الثقافية‭ ‬الأزيدية‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬الكرمانجية،‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬جميع‭ ‬تقاليدهم‭ ‬الدينية‭ ‬المنقولة‭ ‬شفهيًا‭. ‬والكرمانجية‭ ‬هي‭ ‬أقصى‭ ‬شمال‭ ‬اللغات‭ ‬الكردية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬ولغتهم‭ ‬أملت‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يطلقوا‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬وطريقتهم‭ ‬في‭ ‬العبادة‭ (‬عبدة‭ ‬الله‭) ‬فيقولون‭ ‬بالفارسية‭ (‬يزد‭-‬ان‭) ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬الخالق‭ ‬بالفارسية‭ ‬وتطور‭ ‬ذلك‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬ليصبح‭ ‬يزيدية‭. ‬

وبعض‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬ألأزيديون‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬أصل‭ ‬تسميتهم‭ ‬الصحيح‭ ‬هو‭ (‬عدوييوون‭) ‬نسبة‭ ‬الى‭ (‬الشيخ‭ ‬عدي‭ ‬بن‭ ‬مسافر‭) ‬ودينهم‭ (‬بالدين‭ ‬العدووي‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬وانهم‭ ‬يسمون‭ ‬أنفسهم‭ (‬بالداسنية‭) ‬وهي‭ ‬كلمة‭ ‬تعني‭ ‬عابد‭ ‬الإله،‭ ‬وأن‭ ‬الطائفة‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬الأزل‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬ادم‭ ‬وحده‭ ‬وان‭ ‬الأديان‭ ‬الأخرى‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬أدم‭ ‬وحواء‭.  ‬ولكن‭ ‬اثناء‭ ‬حكم‭ ‬العثمانيون‭ ‬نسبت‭ ‬إليهم‭ ‬تسمية‭ (‬يزيديون‭) ‬وليس‭ ‬أزيديون‭ ‬لينسبوهم‭ ‬الى‭ ‬يزيد‭ ‬ابن‭ ‬معاوية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأليب‭ ‬المسلمين‭ ‬ومعتنقي‭ ‬المذهب‭ ‬الجعفري‭ ‬ضدهم‭.‬

في‭ ‬أرمينيا‭ ‬والعراق،‭ ‬يتم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالأزيديين‭ ‬كمجموعة‭ ‬عرقية‭ ‬متميزة‭. ‬وفي‭ ‬جورجيا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬يُنظر‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬أكراد‭ ‬وفي‭ ‬سجلات‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬السابق‭ (‬روسيا‭) ‬يعتبر‭ ‬الأزيديين‭ ‬والأكراد‭ ‬كمجموعتين‭ ‬عرقيتين‭ ‬مختلفتين‭ ‬في‭ ‬تعداد‭ ‬عام‭ ‬1926،‭ ‬لكنه‭ ‬جمعهما‭ ‬معًا‭ ‬كعرق‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬التعدادات‭ ‬السكانية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1931‭ ‬إلى‭ ‬1989‭.‬

ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مؤكد‭ ‬أن‭ ‬ألأزيديون‭ ‬يتكلمون‭ ‬اللغة‭ ‬الكردية‭ ‬وهم‭ ‬منتشرون‭ ‬في‭ ‬اسيا‭ ‬الصغرى‭ ‬كلها‭ ‬وأن‭ ‬تجمعاتهم‭ ‬الكبرى‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كتجمع‭ ‬الشيخان‭ (‬المركز‭ ‬الديني‭ ‬للطائفة‭) ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬الموصل‭ ‬وتجمع‭ ‬سنجار‭ ‬غرب‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل‭.‬

المعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬والتقاليد

غالباً‭ ‬ما‭ ‬يُساء‭ ‬فهم‭ ‬الديانة‭ ‬الأزيدية،‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬تماماً‭ ‬مع‭ ‬الفسيفساء‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬فالأزيدية‭ ‬هي‭ ‬الديانة‭ ‬العرقية‭ ‬للشعب‭ ‬الأزيدي‭ ‬وهي‭ ‬دينية‭ ‬توحيدية‭ ‬بطبيعتها،‭ ‬ولها‭ ‬جذور‭ ‬في‭ ‬العقيدة‭ ‬الإيرانية‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الزرادشتية‭. ‬وكلمة‭ ‬يزيدية‭ ‬تعني‭ ‬“خادم‭ ‬الخالق”‭. ‬ويطلق‭ ‬على‭ ‬أتباعهم‭ ‬بالعامية‭ ‬اسم‭ ‬“أهل‭ ‬الطاووس‭ ‬ملك”‭. ‬وتقول‭ ‬بعض‭ ‬الأساطير‭ ‬التقليدية‭ ‬أن‭ ‬الأزيديين‭ ‬كانوا‭ ‬أبناء‭ ‬آدم‭ ‬وحده،‭ ‬وبالتالي‭ ‬منفصلين‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬البشرية‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬أصول‭ ‬المعتقد‭ ‬الدقيقة‭ ‬هي‭ ‬مَحل‭ ‬خِلاف،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الأصول‭ ‬القديمة‭ ‬لليزيدية‭ ‬هي‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الوثنية‭ ‬والزرادشتية‭ ‬والمانوية،‭ ‬واليهودية،‭ ‬والمسيحية‭ ‬النسطورية،‭ ‬والمسلمة‭. ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬القديمة‭ ‬الأخرى‭ ‬للعقيدة‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأقدم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخ‭ ‬تقويمها‭ ‬إلى‭ ‬6756‭ ‬عامًا‭. ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬5000‭ ‬سنة‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬التقويم‭ ‬المسيحي‭ ‬أو‭ ‬الغريغوري‭ ‬وما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬سنة‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬التقويم‭ ‬اليهودي‭.‬

ظهرت‭ ‬اليزيدية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬عندما‭ ‬أسس‭ ‬الشيخ‭ ‬عدي،‭ ‬بعد‭ ‬دراسته‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬طريقة‭ ‬خاصة‭ ‬به‭ ‬تسمى‭ ‬العدوية‭. ‬مذكور‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬باسم‭ ‬أكراد‭ ‬عدوية‭ (‬عدوية‭ ‬الأكراد‭). ‬ويعتقد‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬اليزيدية‭ ‬تشكلت‭ ‬عندما‭ ‬استقر‭ ‬الزعيم‭ ‬الصوفي‭ ‬الشيخ‭ ‬عدي‭ ‬بن‭ ‬مسافر‭ ‬في‭ ‬كردستان‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬وأسس‭ ‬مجتمعًا‭ ‬يمزج‭ ‬عناصر‭ ‬الإسلام‭ ‬مع‭ ‬معتقدات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام‭ ‬المحلية،‭ ‬وحين‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬لالش‭ ‬قدّم‭ ‬مذاهبه‭ ‬إلى‭ ‬الأكراد‭ ‬المحليين‭ ‬وكان‭ ‬يمارس‭ ‬عقيدة‭ ‬إيرانية‭ ‬قديمة‭ ‬كانت‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬الزرادشتية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تشابهها‭ ‬معها‭ ‬وكانت‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الزرادشتية‭. ‬وبعد‭ ‬وفاته‭ ‬عام‭ ‬1162م،‭ ‬مزج‭ ‬تلاميذه‭ ‬وخلفاؤه‭ ‬مذاهبه‭ ‬وتعاليمه‭ ‬مع‭ ‬التقاليد‭ ‬الإيرانية‭ ‬المحلية‭ ‬والقديمة‭.‬

اعتنقت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬والإمارات‭ ‬الكردية‭ ‬الديانة‭ ‬اليزيدية‭. ‬وتحتوي‭ ‬المخطوطات‭ ‬اليزيدية،‭ ‬التي‭ ‬تسمى‭ (‬ميشور‭) ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تدوينها‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬عشر،‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬بالقبائل‭ ‬الكردية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تابعة‭ ‬لبير‭ ‬اليزيدين،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬سوى‭ ‬اثنتين‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المخطوطات‭ ‬الأربعين‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭!‬

ابتداءً‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الرابع‭ ‬عشر،‭ ‬بنى‭ ‬ألأزيديون‭ ‬أجهزتهم‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬الداخلية‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬يسكنونها،‭ ‬وتم‭ ‬تقسيم‭ ‬الأراضي‭ ‬اليزيدية‭ ‬إلى‭ ‬سبعة‭ ‬مراكز‭ ‬إدارية،‭ ‬لكل‭ ‬منها‭ ‬سنجق‭ ‬خاص‭ ‬بها‭ (‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬إدارية‭)‬،‭ ‬ورمزها‭ ‬هو‭ ‬الطاووس‭ ‬البرونزي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬بمثابة‭ ‬رمز‭ ‬القوة‭ ‬لكل‭ ‬مركز‭ ‬إداري‭.‬

المجتمع‭ ‬اليزيدي‭ ‬منظم‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬طبقي‭ ‬ديني‭ ‬صارم‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تبجيل‭ ‬الشمس،‭ ‬فإن‭ ‬الأزيدية،‭ ‬مثل‭ ‬الزرادشتية،‭ ‬يعتبرون‭ ‬النار‭ ‬مقدسة‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬إطفاؤها‭ ‬بالماء‭ ‬أو‭ ‬التحدث‭ ‬بوقاحة‭ ‬أمامها،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‭ ‬باللعنة‭ ‬الأبدية،‭ ‬ويؤمنون‭ ‬بالتناسخ‭ ‬أو‭ ‬تناسخ‭ ‬الأرواح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورة‭ ‬تطهير‭ ‬تدريجية،‭ ‬حيث‭ ‬تولد‭ ‬أرواح‭ ‬الخطأة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬كحيوانات‭ ‬لفترة‭ ‬اختبار‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬الشكل‭ ‬البشري‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬تصعد‭ ‬أرواحهم‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭.‬

يستخدم‭ ‬التقليد‭ ‬اليزيدي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬والصور‭ ‬والرموز‭ ‬ذات‭ ‬الأصل‭ ‬الصوفي‭ ‬أو‭ ‬الإسلامي،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الأساطير‭ ‬والرموز‭ ‬والطقوس‭ ‬والتقاليد‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الممارسات‭ ‬اليزيدية‭ ‬تشبه‭ ‬ممارسات‭ ‬الإسلام‭ ‬–‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬أكل‭ ‬لحم‭ ‬الخنزير،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬–‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬تبدو‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

يحتفل‭ ‬ألأزيديون‭ ‬بالعام‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬بالبيض‭ ‬الملون‭ ‬ويقيمون‭ ‬عيد‭ ‬الأضاحي،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬ذبح‭ ‬خروف‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬بابا‭ ‬شيخ‭ ‬ويتم‭ ‬إضاءة‭ ‬المشاعل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬وادي‭ ‬لالش،‭ ‬وهو‭ ‬مكان‭ ‬مقدس‭ ‬في‭ ‬عقيدتهم‭. ‬كما‭ ‬يُمنع‭ ‬ألأزيديون‭ ‬من‭ ‬لبس‭ ‬اللون‭ ‬الأزرق‭ ‬والأخضر‭ ‬وأكل‭ ‬الخس‭ ‬والفجل‭ ‬لانهما‭ ‬رفضا‭ ‬إخفاء‭ ‬الشيطان‭ ‬بين‭ ‬أوراقهم‭ ‬لما‭ ‬طرده‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬السماء‭ ‬واجبره‭ ‬على‭ ‬الهبوط‭ ‬للأرض‭ ‬ونطق‭ ‬كلمة‭ ‬“شيطان”‭ ‬كما‭ ‬وان‭ ‬لحوم‭ ‬الديكة‭ ‬محرمة‭ ‬لكونها‭ ‬تشابه‭ ‬في‭ ‬ألوان‭ ‬ريشها‭ ‬الطاووس‭.‬

ويفضل‭ ‬الازيديون‭ ‬اللون‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬ملبسهم‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬بانه‭ ‬اللون‭ ‬المفضل‭ ‬عند‭ ‬اهل‭ ‬الجنة‭ ‬ويرمز‭ ‬الى‭ ‬ملاك‭ ‬النور،‭ ‬ومن‭ ‬النادر‭ ‬ان‭ ‬تجدهم‭ ‬يرتدون‭ ‬الملابس‭ ‬الخضر‭ ‬او‭ ‬الزرق‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬ان‭ ‬هذين‭ ‬اللونين‭ ‬مقدسان‭ ‬ومحترمان،‭ ‬إذ‭ ‬ان‭ ‬احترام‭ ‬عنصر‭ ‬الشر‭ ‬الذي‭ ‬يرمزون‭ ‬اليه‭ ‬بالطاووس‭ ‬واجب‭ ‬ولأن‭ ‬ألوان‭ ‬الطاووس‭ ‬البارزة‭ ‬هي‭ ‬الأزرق‭ ‬والأخضر‭ ‬فأصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الألوان‭ ‬محرمة‭ ‬على‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭. ‬

ومما‭ ‬يزيد‭ ‬فهم‭ ‬المسألة‭ ‬الدينية‭ ‬للأزيدية‭ ‬تعقيداً‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬الدينية‭ ‬للطائفة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬بها‭ ‬أبنائهم‭ ‬بشكل‭ ‬مفصل‭ ‬وواضح‭ ‬وهي‭ ‬حكراً‭ ‬على‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬وهم‭ ‬أنفسهم‭ ‬لا‭ ‬يتفقون‭ ‬بينهم‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬أمور‭ ‬العقيدة‭ ‬لأن‭ ‬اسرار‭ ‬العقيدة‭ ‬محفوظه‭ ‬في‭ ‬الصدر‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الكتب،‭ ‬وهذا‭ ‬الحفظ‭ ‬بالطبع‭ ‬معرض‭ ‬للأهواء‭ ‬والآراء‭ ‬وحكم‭ ‬الزمان‭ ‬وتباعد‭ ‬المناطق‭ ‬الجغرافية‭ ‬للطائفة‭ ‬المبعثرة‭ ‬في‭ ‬ارجاء‭ ‬العالم‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬عرضة‭ ‬للتفسير‭ ‬والاجتهاد‭ ‬والنسيان‭. ‬ويشير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الى‭ ‬كتاب‭ ‬مصحف‭ ‬روز‭ (‬الجلوة‭) ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬الاعتقاد‭ ‬عند‭ ‬الأزيدين‭. ‬

وهناك‭ ‬بين‭ ‬طبقة‭ ‬المثقفين‭ ‬والمتعلمين‭ (‬وهم‭ ‬قلة‭) ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأساطير‭ ‬المتداولة‭ ‬والخرافات‭ ‬التاريخية‭ ‬المزروعة‭ ‬في‭ ‬عقولهم‭ ‬ومازالوا‭ ‬يعيشون‭ ‬عقد‭ ‬الخوف‭ ‬والاضطهاد‭ ‬وقصص‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬الخيال‭ ‬لا‭ ‬سند‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التأريخ‭ ‬ويتمسكون‭ ‬بخيط‭ ‬واهن‭ ‬من‭ ‬الحجج‭ ‬يعتقدونها‭ ‬محفوظة‭ ‬في‭ ‬الصدور‭ ‬وان‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬تفهمهم،‭ ‬والتاريخ‭ ‬لم‭ ‬ينصفهم،‭ ‬وان‭ ‬قصصهم‭ ‬تحكي‭ ‬الحقيقة‭ ‬المطلقة‭. ‬

ألأزيديون‭ ‬وعبادة‭ ‬الشمس‭ ‬

إن‭ ‬الثابت‭ ‬والمؤكد‭ ‬ان‭ ‬اليزيدية‭ ‬تؤمن‭ ‬بالله‭ ‬الواحد‭ ‬الأحُد‭ (‬خُدا‭) ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭ ‬ويجلس‭ ‬على‭ ‬الكون‭ (‬الدرة‭) ‬وفجر‭ ‬هذه‭ ‬الدرة‭ ‬بأمره‭ ‬وتفجرت‭ ‬معها‭ ‬ينابيع‭ ‬الماء‭ ‬ومن‭ ‬بخارها‭ ‬صارت‭ ‬البحور‭ ‬والأنهار‭ ‬وبعدها‭ ‬السحاب‭ ‬والسماء‭ ‬ومن‭ ‬نور‭ ‬الله‭ ‬تكونت‭ ‬الشمس‭ ‬والنجوم‭ ‬والقمر‭ ‬وكان‭ ‬الملائكة‭ ‬السبعة‭ ‬موجودين‭ ‬وهم‭ (‬عزازيل‭ ‬ودردائيل‭ ‬واسرافيل‭ ‬وميخائيل‭ ‬وعزرائيل‭ ‬وشمنائيل‭ ‬ونورائيل‭).‬

‭ ‬ويعتقد‭ ‬الأزيديون‭ ‬ان‭ ‬الله‭ ‬خلق‭ ‬الملائكة‭ ‬السبعة‭ ‬من‭ ‬نوره‭ ‬فيوم‭ ‬الاحد‭ ‬خلق‭ (‬ملك‭ ‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬وهو‭ ‬عزازيل‭) ‬ويوم‭ ‬الاثنين‭ ‬خلق‭ (‬ملك‭ ‬دردائيل‭ ‬وهو‭ ‬ملك‭ ‬فخر‭ ‬الدين‭ ‬ويعني‭ ‬القمر‭) ‬ويوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬خلق‭ (‬ملك‭ ‬ميخائيل‭ ‬وهو‭ ‬أمادين‭) ‬ويوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬خلق‭ (‬ملك‭ ‬إسرافيل‭) ‬ويوم‭ ‬الخميس‭ ‬خلق‭ (‬عزرائيل‭ ‬وهو‭ ‬سجادين‭) ‬ويوم‭ ‬الجمعة‭ ‬خلق‭ (‬شمنائيل‭ ‬الدين‭) ‬ويوم‭ ‬السبت‭ ‬خلق‭ (‬ملك‭ ‬نورائيل‭ ‬وهو‭ ‬يزدا‭).‬

وعزازيل‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أسماء‭ ‬الشيطان‭ ‬في‭ ‬الميثولوجيا‭ ‬الدينية‭ ‬القديمة‭ ‬ويجسد‭ ‬نزعة‭ ‬الشر‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬ويعتبر‭ ‬كبير‭ ‬وطاووس‭ ‬الملائكة‭ ‬ورمز‭ ‬مقدس‭ ‬عند‭ ‬الازيدية‭ ‬مثلما‭ ‬الصليب‭ ‬عند‭ ‬المسيحيين‭ ‬والهلال‭ ‬عند‭ ‬الإسلام‭. ‬

الشمس‭ ‬وطقوس‭ ‬الصلاة‭ ‬

قبلة‭ ‬الأزيدي‭ ‬هي‭ ‬الشمس‭ ‬وتتخذ‭ ‬الأزيدية‭ ‬من‭ ‬الشمس‭ ‬رمزا‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬دورها‭ ‬الدينية‭ ‬ومعابدها،‭ ‬فالشمس‭ ‬هي‭ ‬نور‭ ‬الله‭ ‬وهي‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬بزوغ‭ ‬الحياة‭ ‬ويوم‭ ‬جديد،‭ ‬ولهذا‭ ‬يتجه‭ ‬الأزيدي‭ ‬صوب‭ ‬المشرق‭ ‬ويدعو‭ ‬قبل‭ ‬طلوع‭ ‬الشمس‭ ‬ويرتل‭ ‬المصلي‭ ‬بعد‭ ‬شروق‭ ‬الشمس‭ ‬وبعد‭ ‬غياب‭ ‬الشمس‭. ‬

وعادة‭ ‬يصلي‭ ‬منفردا‭ ‬وحيدا‭ ‬ويغسل‭ ‬يداه‭ ‬ووجهه‭ ‬بالماء‭ ‬ويشد‭ ‬على‭ ‬بطنه‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الحزام‭ ‬ويضع‭ ‬قماشا‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬ويشبك‭ ‬يديه‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬وينزوي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬اعين‭ ‬الناس‭ ‬منحنيا‭ ‬تبجيلا‭ ‬للشمس‭ ‬وطهارة‭ ‬الكون‭ ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬الصلاة‭ ‬والدعاء‭ ‬يركع‭ ‬الى‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬ركبتيه‭ ‬ويقبلها‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬الشمس‭ ‬ويمسح‭ ‬يديه‭ ‬على‭ ‬جبينه‭ ‬او‭ ‬لحيته‭ ‬وشواربه‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬مسنا‭ ‬ويرجو‭ ‬المصلي‭ ‬الأزيدي‭ ‬اثناء‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ان‭ ‬يديم‭ ‬نوره‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الناس‭ ‬ويشكر‭ ‬رب‭ ‬الشمس‭ ‬ويدعوا‭ ‬منه‭ ‬الرحمة‭ ‬والغفران‭ ‬والخير‭ ‬والأمان‭ ‬لملته‭ ‬ولكل‭ ‬البشر‭ ‬الطيبين‭.   ‬

وفي‭ ‬الظهيرة‭ ‬عندما‭ ‬تتوسط‭ ‬الشمس‭ ‬منتصف‭ ‬السماء‭ ‬يتوجه‭ ‬المصلي‭ ‬نحو‭ ‬لالش‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أقدس‭ ‬مكان‭ ‬عنده،‭ ‬وعند‭ ‬المساء‭ ‬يتجه‭ ‬المصلي‭ ‬نحو‭ ‬الغروب‭ ‬حيث‭ ‬مغيب‭ ‬الشمس‭ ‬ويكرر‭ ‬طقوس‭ ‬صلاة‭ ‬الصباح‭ ‬بشكل‭ ‬انفرادي‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬محل‭ ‬تواجده‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬اعين‭ ‬الناس‭.‬

طاووس‭ ‬مَلَك

بينما‭ ‬يؤمن‭ ‬ألأزيديون‭ ‬بإله‭ ‬واحد،‭ ‬فإن‭ ‬الشخصية‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬عقيدتهم‭ ‬هي‭ ‬ملك‭ ‬طاووس‭ (‬المعروف‭ ‬أيضًا‭ ‬باسم‭ ‬طاووس‭ ‬ملك‭ ‬أو‭ ‬الملاك‭ ‬الطاووس‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬الملاك‭ ‬الذي‭ ‬تحدى‭ ‬الله‭ ‬ولذلك‭ ‬فإنه‭ ‬اول‭ ‬الموحدين‭ ‬ولم‭ ‬يسجد‭ ‬لغير‭ ‬الله‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الفردوس‭ ‬قبل‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الأزيدية‭ ‬تحترم‭ ‬وتبجل‭ ‬وتهاب‭ ‬طاووس‭ ‬ملك‭ ‬وتعتبره‭ ‬وسيطاً‭ ‬بين‭ ‬بني‭ ‬ادم‭ ‬وبين‭ ‬الله‭.‬

يُعرف‭ ‬إله‭ ‬الأزيديين‭ ‬باسم‭ (‬خودا‭) ‬وهو‭ ‬غفور‭ ‬ورحيم‭. ‬وخلق‭ ‬الله‭ ‬خودا‭ ‬ومعه‭ ‬سبعة‭ ‬رؤساء‭ ‬ملائكة‭ ‬بقيادة‭ ‬ملك‭ ‬طاووس،‭ ‬وتم‭ ‬إرسال‭ ‬ملاك‭ ‬الطاووس‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬ليخلق‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬البدائية‭ ‬ويكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الشفيع‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والله‭. ‬لقد‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأول‭ ‬بلا‭ ‬روح،‭ ‬فنفخ‭ ‬فيه‭ ‬ملك‭ ‬طاووس‭ ‬روح‭ ‬الحياة‭ ‬ثم‭ ‬وجه‭ ‬آدم‭ ‬نحو‭ ‬الشمس،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬رمز‭ ‬الخالق‭ ‬الأعظم،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الإزيديون،‭ ‬مثل‭ ‬سكان‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النهرين‭ ‬القدماء،‭ ‬يعبدونه‭.‬

واليزيدية‭ ‬لا‭ ‬تعبد‭ ‬تمثال‭ ‬الطاووس‭ ‬ولا‭ ‬تؤلهه‭ ‬فهذا‭ ‬يتضارب‭ ‬مع‭ ‬كونهم‭ ‬يُقرون‭ ‬بوحدانية‭ ‬الله‭ ‬الخالق‭ ‬الازل‭ ‬وخالق‭ ‬الملائكة‭ ‬وهو‭ ‬المعبود‭ ‬الأول‭ ‬وكل‭ ‬الملائكة‭ ‬دونه‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬طاووس‭ ‬ملك‭. ‬ويعتبرون‭ ‬ملك‭ ‬طاووس،‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬للإرادة‭ ‬الإلهية‭. ‬

وكلمة‭ ‬طاووسً‭ ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬يونانية‭ ‬الأصل‭ (‬تاووس‭) ‬تعني‭ ‬الإله‭ ‬ويعد‭ ‬اكثر‭ ‬الطيور‭ ‬جمالا‭ ‬وحسنا‭ ‬ولونا‭ ‬وعلى‭ ‬ذنبه‭ ‬ريش‭ ‬فيه‭ ‬دوائر‭ ‬لها‭ ‬ضوء‭ ‬كضوء‭ ‬الشمس،‭ ‬ويذكر‭ ‬ألأزيديون‭ ‬اسمه‭ ‬احتراما‭ ‬وتبجيلاً‭ ‬وتقديساً‭ ‬له‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬وأن‭ ‬الله‭ ‬خلق‭ ‬الأنسان‭ ‬الأول‭ (‬ادم‭) ‬من‭ ‬طين‭ ‬وأمر‭ ‬كافة‭ ‬الملائكة‭ ‬ان‭ ‬يسجدوا‭ ‬لأدم‭ ‬،‭ ‬فسجد‭ ‬الجميع‭ ‬إلا‭ (‬عزازيل‭ ) ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬لله‭ ‬“كيف‭ ‬اسجد‭ ‬لمخلوق‭ ‬صنعته‭ ‬من‭ ‬طين‭ ‬وأنا‭ ‬صنعتني‭ ‬من‭ ‬نار”‭ ‬فكرر‭ ‬عليه‭ ‬الله‭ ‬أمر‭ ‬السجود‭ ‬فرفض‭ ‬وقال‭ ‬“‭ ‬انا‭ ‬لا‭ ‬اسجد‭ ‬إلا‭ ‬للخالق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يساويه‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬الأدمي”‭ ‬،‭ ‬فسخط‭ ‬عليه‭ ‬الله‭ ‬وانزله‭ ‬الى‭ ‬الجحيم‭ ‬أولا‭ ‬ولكنه‭ ‬غفر‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الامتحان‭ ‬ورضي‭ ‬عنه‭ ‬وأعاده‭ ‬الى‭ ‬الفردوس‭.‬

بالنسبة‭ ‬للمسلمين،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تبدو‭ ‬الرواية‭ ‬الأزيدية‭ ‬عن‭ ‬الملاك‭ ‬المتحدي‭ ‬تتضارب‭ ‬مع‭ ‬الترجمة‭ ‬القرآنية‭ ‬للشيطان‭ ‬الشرير‭ (‬ابليس‭) ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ملك‭ ‬طاووس‭ ‬هو‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬الديانة‭ ‬اليزيدية‭.‬

لكن‭ ‬المحزن‭ ‬لليزيدين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬لقصة‭ ‬ملك‭ ‬طاووس‭ ‬تشابهات‭ ‬مخيفة‭ ‬مع‭ ‬قصة‭ ‬الشيطان‭ ‬الجن‭ ‬الساقط‭ (‬الجني‭) ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬والذي‭ ‬يعرف‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬باسم‭ ‬الشيطان‭ (‬ابليس‭). ‬وبسبب‭ ‬ذلك‭ ‬يواجه‭ ‬ألأزيديون‭ ‬اتهامات‭ ‬بعبادة‭ ‬الشيطان‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬وأوائل‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر،‭ ‬وحتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬يسعى‭ ‬اليزيدين‭ ‬العراقيين‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬للصورة‭ ‬النمطية‭ ‬والاتهامات‭ ‬العدوانية‭ ‬بعبادة‭ ‬الشيطان‭. ‬

إن‭ ‬نكبات‭ ‬ومأسي‭ ‬ومحن‭ ‬الأزيدية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مازال‭ ‬يلفها‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى‭ ‬وأن‭ ‬نفي‭ ‬الإيزيديين‭ ‬من‭ ‬المزارات‭ ‬القديمة‭ ‬لشعبهم‭ ‬يهدد‭ ‬بإضعاف‭ ‬هويتهم‭ ‬كشعب‭ ‬ومكوّن‭ ‬متميز،‭ ‬ولا‭ ‬يسعى‭ ‬الأزيديون‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تقاليدهم‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يسعون‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬المعلومات‭ ‬الخاطئة‭ ‬والقوالب‭ ‬النمطية‭ ‬حول‭ ‬عقيدتهم‭ ‬وهناك‭ ‬تحديات‭ ‬وصعوبات‭ ‬أمام‭ ‬الإزيديين‭ ‬لاستعادة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬المجتمعي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬نينوى‭/‬سنجار،‭ ‬سيما‭ ‬وان‭ ‬معظمهم‭ ‬تشتتوا‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬أراضيهم‭ ‬المقدسة،‭ ‬وانضم‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬جمع‭ ‬اللاجئين‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭. ‬

في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬المقالة‭ ‬سنتناول‭ ‬مأساة‭ ‬داعش‭ ‬والهجوم‭ ‬على‭ ‬سنجار‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والاضطهاد‭ ‬والاختطاف‭ ‬والعبودية‭ ‬ودمار‭ ‬البلدات‭ ‬والمصير‭ ‬المجهول‭ ‬لهذا‭ ‬المكوّن‭ ‬العراقي‭ ‬الأصيل‭.‬

المصادر‭: ‬ويكيبيديا،‭ ‬يزدا‭ ‬،‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأزيدية‭ ‬الحرة،‭ ‬ناشيونال‭ ‬جيوغرافيك،‭ ‬الغارديان‭ ‬اللندنية،‭ ‬باري‭ ‬إبراهيم‭ ‬،‭ ‬بيافي‭ ‬أشر‭ ‬شابيرو،‭ ‬براين‭ ‬كًلين‭ ‬ويليامز‭ ‬وكتب‭ ‬الكتاب‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬أعلاه‭.‬