مقابلة وحوار صريح مع قائم مقام الحمدانية عصام بهنام متى دعبول
بقلم د عضيد ميري،
احتفالاً بحفل توزيع الجوائز السنوي الحادي والعشرين الذي استضافته غرفة التجارة الكلدانية الأمريكية
في ميشيغان مساء 26 نيسان/ابريل 2024، ودعا المنظمون لحضورها العديد من الشخصيات البارزة من العراق، والولاية، والعاصمة، واشنطن. ومن بين الذين قبلوا الدعوة وقاموا بالرحلة إلى الولايات المتحدة، رئيس بلدية الحمدانية/بخديدا/قرة قوش/نينوى، (عصام بهنام متي)، ورئيس بلدية عنكاوا/أربيل، (رامي نوري سياويش).
أثناء وجودهم هنا، قامت مؤسسة الجالية الكلدانية بترتيب جملة من الاجتماعات منها اجتماع قائم مقام عنكاوا مع عمدة مدينة سترلنك هايتس (مايكل تايلور). ودارت نقاشاتهم حول تبادل الخبرات وتطوير العمل المشترك وتوطيد العلاقات ومد جسور التواصل بين شعبينا في الداخل والخارج. كما ناقش رئيسا البلديتين إمكانية إنشاء علاقة توأمة بين المدينتين.
وفي يوم السبت 27 نيسان 2024، استضافت مؤسسة الجالية الكلدانية محافظ نينوى السيد (عبد القادر الدخيل) في
لقاء وندوة عامة مع أبناء الجالية ناقش المشاركون والحضور فيها سبل دعم مجتمع الأقليات في العراق (الموصل). تناول رئيس أبدى رئيس مؤسسة الجالية الكلدانية مارتن منا وعكس للمسؤولين عدد من الاهتمامات التي تثير قلق الجالية والمكونات منها التغيرات الديموغرافية، وضرورة تعيين أفراد من أعضاء المجتمع المسيحي المحلي في مناصب حكومية عراقية، وتنفيذ المادة 125 من الدستور العراقي، التي تنص على الإدارة الذاتية للكلدان والأقليات والمكونات الأخرى في العراق. حضر الندوة سعادة القنصل العام لجمهورية العراق في ديترويت (السيد محمد حسن سعيد محمد ألمحترم) ورئيس بلدية الحمدانية عصام بهنام متى دعبول.
واغتنمت مجلتنا (كالديان نيوز - أخبار الكلدان) الفرصة أثناء تواجدهم في ميشيغان لإجراء مقابلات مع رئيسي البلديتين. سلط رئيس بلدية عنكاوا الضوء على التحديات والفرص التي تواجه الأهالي في منطقة حكومة إقليم كوردستان ومنطقة سهل نينوى وناقش سبل دعمها، وأجرى رئيس بلدية الحمدانية مقابلة حصرية حول الوضع بعد داعش، وعملية إعادة الإعمار، والتعايش بين المكونات الفردية في المنطقة. وأدناه نص المقابلة التي أجراها كاتب هذه المقالة:
مقدمة: رئيس البلدية عصام بهنام متي دعبول
ولد قائم مقام الحمدانية (بخديدا/قرة قوش) عام 1967 في بخديدا وتلقى تعليمه الأولي والثانوي في مسقط رأسه وبعد ذلك في جامعة الموصل وحصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية. تزوج عام 1998، وزوجته حاصلة على درجة الماجستير في الفيزياء وتحاضر حاليا كأستاذة في جامعة الحمدانية. والديه هما بهنام متي وعمو دانو، وله 4 إخوة و3 أخوات.
عمل عصام في بلدية الحمدانية والأشغال العامة لمدة 10 سنوات، لكنه اضطر إلى مغادرة المدينة إلى فرنسا عندما دخلت عصابات داعش إلى المنطقة في عام 2015. ومن نكد الأيام ان تم استخدام منزله في قرقوش كأحد مقرات داعش. عاد عصام بعد تحرير المنطقة وشارك في الانتخابات المحلية، وفي 27 فبراير 2018، تم انتخابه رئيساً لبلدية الحمدانية لمدة 4 سنوات بأغلبية أعضاء مجلس القضاء (13 من أصل 15) وظل في هذا المنصب منذ ذلك الحين، على الرغم من المحاولات العديدة والفاشلة التي بذلتها الميليشيات المحلية لإزالته من منصبة.
س - أخبرنا قليلاً عن القضاء؟
ج - الحمدانية هي واحدة من أكبر الأقضية في محافظة نينوى - شمال العراق، وتضم ثلاث مناطق وعدة قرى. والحمدانية باللغة العربية لها ثلاثة أسماء متميزة؛ والأخرى التي تشتهر بها هي قره قوش والتي تعني “الطائر الأسود” باللغة التركية، وبغديدا (بالآرامية)، وهي تبعد 33 كيلومتراً عن الموصل، وتعتبر تاريخيا قلب المجتمع المسيحي في العراق وأكبر مدينة مسيحية في العراق إذ بلغ عدد سكانها حوالي 60 ألف نسمة، معظمهم من السريان والكلدان – قبل أن تسيطر عليها الجماعات الجهادية السنية، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2014
توقف القلب عن النبض لمدة 34 شهرًا عندما احتلتها خلافة داعش، وواجه مواطنوها قرارًا تعسفياً صارخًا: اما اعتناق الإسلام أو القتل. وبسبب ذلك حصل إخلاء المنطقة من سكانها في غضون أيام قليلة.
في عام 2003، بلغ عدد سكان قره قوش حوالي 60 ألف نسمة، لكن 40% من السكان المحليين فروا تدريجياً من المنطقة بسبب انعدام الأمن والتغيرات الديموغرافية وانعدام فرص العمل. وعانت بلدة برطلة المجاورة واغلبية سكانها هم من (السريان الأرثوذكس) من أصعب التغيرات الديموغرافية، كما وفقدت مدينة كرمليس الكلدانية التاريخية 70% من سكانها على مر السنين.
قبل عام 2014، كانت قره قوش مدينة مزدحمة وكانت موطنًا لأكبر عدد من السكان المسيحيين في البلاد بأكملها، وكانت المنطقة سلة غذاء المنطقة، والمعروفة بحقولها الغنية وزراعتها ومزارع الدواجن. كان لدينا 190 مزرعة دواجن، تكفي لإطعام إقليم كردستان بأكمله وجزء من العراق، ولكن للأسف يبلغ عدد سكان بخديدا اليوم 25.000-30.000 نسمة. ولا تزال البلدة قيد إعادة الإعمار، وحوالي نصف سكانها قد عادوا اليها من مناطق نزوحهم داخل العراق.
س - كيف غيرت داعش احوال المنطقة؟
ج - في منتصف عام 2014، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على قضاء الحمدانية (جنوب شرق الموصل) وألحق أضرارًا بالمباني الحكومية في مركز القضاء، بالإضافة إلى تدمير وحرق آلاف المنازل والأماكن الدينية. وأجبر غزوهم جميع مسيحيي المدينة تقريبًا على الفرار للنجاة بحياتهم.
واحتل داعش في البداية منزلي وغيره في الحي الذي اسكنه واستخدمه كمقر له. وبعد التحرير والعودة وجدت جدران الدار مليئة بشارات داعش، وأسماء قادتها مثل (أبو طلحة الألماني)، وأبو فطومة، وغيرهم.
تمت استعادة المنطقة من سيطرة داعش عام 2017، وكانت هذه الجبهة الأكثر حسماً في الحرب ضد داعش. وفي تحرير قرة قوش والموصل، حيث فاز الجيش العراقي في المعارك الحاسمة، لكن النصر التام لا يزال بعيد المنال. وإلى أن يتم التغلب على الوضع الأمني والفساد والاستغلال والجهل، وبخلاف ذلك ستتمكن العناصر المظلمة من الاتجاه صوب دماء جديدة لاستمرار فكرها المظلم.
وبعد تحرير المنطقة، بدأ عدد النازحين العائدين في التزايد تدريجياً. ولكن لم يعود جميع سكان المنطقة إلى منازلهم. وفي الوقت الحاضر عاد إلى القضاء 90-100% من العرب والشبك والكاكائيين والتركمان لأن إدارة القضاء تعمل على محو آثار حرب داعش وتقديم الخدمات اللازمة لعودة الحياة الطبيعية إلى الحمدانية والمناطق المجاورة.
ونسبة المسيحيين العائدين إلى بخديدا بلغت 60 بالمئة، أي أن 40 بالمئة منهم لم يعودوا لأنهم تضرروا ويأسوا أكثر من غيرهم بسبب حرب داعش. وفقدت برطلة معظم سكانها المسيحيين، وفقدت كرمليس 70% من أهلها. ويعيش معظم النازحين في عنكاوا ومنطقة إقليم كردستان..
س - هل هناك إحصائيات ومتابعات دقيقة للأضرار التي خلفها داعش؟
ج - عند عودتهم إلى مسقط رأسهم في قره قوش، لم تجد معظم العائلات المسيحية شيئًا سوى المباني المحروقة والبنية التحتية المدمرة، إذ عاث تنظيم داعش خرابا في المدينة خلال احتلاله. ولا توجد إحصائيات دقيقة لتحديد حجم الأضرار، لكن بعض المناطق اشتغلت على تقييم هذا الموضوع، وتبين أن هناك أضراراً كبيرة لحقت بالمباني الحكومية في مركز القضاء (بخديدا) بالإضافة إلى حرق وتدمير خمسة آلاف منزل.
كما تضرر القطاع الخدمي في مديريات وقرى الحمدانية. إذ كان في الحمدانية أكثر من 180 مزرعة دواجن، وللأسف أصبح أكثر من 150 منها مدمراً، و70 بالمئة منها لم يتم ترميمها بعد.
وتم إعادة تأهيل خطوط نقل الطاقة الكهربائية، ولكننا نعاني من مشكلة شحة الإنتاج مثل بقية مناطق العراق. أما بالنسبة لمياه الشرب، فهناك مشروع مياه واحد في الحمدانية كان يزود في السابق 50 ألف شخص في المنطقة بالمياه، لكنه الآن لا يكفي لسد احتياجات السكان.
س - كيف واجهتم تحديات إعادة البناء؟
ج - بعد التحرير، لم يكن تدهور القطاعات الخدمية هو المشكلة الوحيدة التي واجهتنا. كانت المهمة صعبة للغاية، ولكن بدعم من المنظمات الدولية وباتباع خطة محكمة لتوعية المواطنين، وتضمنت تشكيل مجموعة تضم رجال الدين من كافة المكونات، وكذلك من خلال مراكز التعليم، تمكنا من إعادة التعايش السلمي إلى المنطقة.
كان أحد الأنشطة الأولى هو إجراء مسح موسع لاحتياجات البلدات والقرى المتضررة. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الناس يحتاجون أشياء أساسية مثل الغذاء والتعليم والتدريب الوظيفي والاستشارة والتنمية الروحية والوظائف المستقرة.
التعليم هو منارة الأمل في قره قوش للمواطنين العائدين. إذ كان التعليم والمدارس والمعلمين أساسيين في المنطقة؛ وكانت مهنة التعليم تاريخيا أفضل مساهمة لمعلمي القضاء في ريادة ودعم التعليم المبكر في العراق. ان التمكين الأكاديمي والتعليم اساسيان في المصالحة والعيش معًا بسلام، والمجتمع بحاجة الى مدارس مختلفة وتدريس كل مادة وكل صف، ولكن بشكل خاص المجموعة الابتدائية والأصغر سنًا.
س – أعطنا نبذة عن مشاكل البنية التحتية ونقص الخدمات، وسوء الطرق، وما إلى ذلك؟
ج - في البداية لم تكن جهود الحكومة بالمستوى المطلوب؛ ولكن مع مرور الوقت ومن خلال ميزانية تنمية المحافظات تم العمل على العديد من مشاريع المياه والكهرباء. ولا أقول إن كل الخدمات متوفرة، لكن الجانب الخدمي الآن أفضل مقارنة بالفترة التي سبقت وصول داعش.
وأحدثت التغييرات الإدارية في الموصل، بعد 2019، تغييرا كبيرا في جهود المشاريع مع انطلاق حملات إعادة الإعمار في جميع القطاعات، وخاصة ترميم مباني القطاع العام، وحالياً نناقش موضوع عودة هيئة الاستثمار ليكون لها دور في تسريع إعادة الإعمار.
تم إصلاح أو إعادة بناء المؤسسات الرئيسية في المنطقة. على سبيل المثال تم إعادة بناء مستشفى الحمدانية وإعادة تأهيله من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ويعتبر أفضل مستشفى في منطقة سهل نينوى ومن أفضل المستشفيات في العراق، يعمل فيه أكثر من 1800 موظف ويحتوي على أقسام متخصصة مختلفة (الجراحة، طب الأسنان، البصريات، مركز لغسيل الكلى، وغيرها من الأقسام الأساسية).
شبكة وخطوط المياه تعمل بشكل جيد، وتم إعادة إحياء مشروع شبكة الصرف الصحي بعد التحرير، إذ استخدم تنظيم داعش الأنفاق شبكة الأنفاق الكبيرة لتخزين الأسلحة. ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه وأول عمل عام كبير يتم إنجازه في العراق.
وفي قطاع التعليم، تم تجديد وتأهيل معظم المدارس بالإضافة إلى بناء مدارس جديدة. ولدينا أيضًا مدارس خاصة جديدة. وتعمل جامعة الحمدانية اليوم بكامل طاقتها، وتقدم درجات البكالوريوس في مجالات مختلفة ويتكوّن أعضاء هيئة التدريس فيها بالكامل من أكاديميين عراقيين. والجامعة تخطط لاستحداث وبدء برامج دراسة الماجستير في عام 2025 وتخرج كليات الجامعة 30-40 طبيباً و40-50 مهندساً كل عام؛ وهذا أمر إيجابي، ولكن مع ذلك، يحتاج الخريجون الجدد إلى وظائف وأماكن عمل.
ولا يزال القطاع الزراعي الذي يشكل شريان الحياة للمنطقة ضعيفاً وقديماً، والزراعة والري تحتاج إلى رؤية جديدة وتطبيق استراتيجيات زراعية حديثة لمواكبة تقنيات القرن الحادي والعشرين وتطوير تقنيات ري جديدة وتثقيف المزارعين في ضرورة تقنين استخدام المياه والإمطار الموسمية وخزن وعدم هدر المياه.
س - ماذا عن إعادة بناء الكنائس والمواقع الدينية المدمرة؟
ج - زيارة البابا عام 2023 وضعت الحمدانية تحت أضواء وسائل الإعلام العالمية وكانت علامة تاريخية حيث كان واضحاً للبابا فرنسيس مدى إيمان الناس وصمودهم ورغبتهم في البقاء في مدن أجدادهم.
تمت حملة ترميم وإعادة بناء بعض الكنائس من قبل المنظمات الأجنبية والمحلية، ولكن لسوء الحظ، لم يتم ترميم جميع الكنائس والمواقع الدينية التي أحرقها ودمرها ارهابي داعش. ولم تحظ هذه المواقع المهمة في القضاء بالأولوية من قبل المسؤولين العراقيين. الكنيسة الرئيسية (الطاهرة) في الحمدانية وبنايات الدير كانت تستخدم كميدان للرماية وساحات للتدريب من قبل عصابات داعش.
ومن المفرح أن نرى أن كنائس الموصل يتم إعادة تأهيلها بالأموال المخصصة لها من قبل المنظمات الأجنبية، ونأمل أن تخصص الحكومة العراقية ميزانية لإعادة إعمار الأماكن الدينية ضمن ميزانياتها وخططها المستقبلية.
س - ما مدى ألأمان والاستقرار في المنطقة؟
ج - قبل داعش، لم نكن نعرف بالضبط من هي الجهة المسؤولة عن مسك أمن المنطقة، وبعد غزو داعش في 6 أغسطس 2014، ظلت المدينة تحت سيطرة داعش حتى 16 أكتوبر 2016، ولكن منذ التحرير أصبحت وحدات حماية سهل نينوى تمسك الملف الأمني في المدينة إلى جانب الجيش العراقي.
وتم تقديم العديد من المبادرات في عام 2021 لتوظيف ضباط الشرطة المحليين والشرطة الفيدرالية والموظفين العسكريين في المنطقة. ونتوقع بحلول الأول من يوليو 2024 أن تتولى قوات الحكومة الاتحادية الملف الأمني بشكل كامل.
س - هل يمكنك أن تخبرنا عن حالات النزوح وعودة اللاجئين؟
ج - أعتقد أننا قطعنا شوطاً كبيراً في هذا المجال، والدليل على ذلك هو فشل داعش في خلق بيئة حاضنة جديدة وتنفيذ العمليات الإرهابية في المنطقة بعد تحريرها، إلا في بعض الحالات النادرة. وهذا دليل على تعاون أهالي المنطقة مع الأجهزة الأمنية.
وبالتأكيد أن استمرار المساعدات المقدمة للمواطنين، وخاصة المزارعين، سيساعدهم على العودة والبقاء وإنعاش الأراضي الزراعية، وسيساهم في عودة الاستقرار والعيش المشترك. ولعبت منظمات المجتمع الدولي دوراً بارزاً في هذا الشأن من خلال برامجها وخبراتها ومنح القروض الصغيرة، مثل تلك الممنوحة الآن للمزارعين، للاهتمام بالقطاع الزراعي في مناطقهم.
س - ماذا عن مصادرة الأراضي والتغييرات الديمغرافية؟
ج - كان شراء وبيع الأراضي والمنازل والممتلكات نادرا قبل فترة داعش. وكانت أراضي بخديدا خطاً أحمر لكل من تجرأ على المساس بها، ولكن برطلة كانت ولا تزال قضية شائكة حيث تم بيع العقارات لغير المسيحيين. وبرطلة، التي تقع في قلب المنطقة المسيحية في العراق، هي مشكلة معقدة مع استمرار النزاعات حول هوية المدينة. برطلة هي مدينة مسيحية تاريخية، ذكرت لأول مرة في عام 1153 بعد الميلاد، وهي موطن لكثير من المسيحيين السريان الأرثوذكس والشبك، وهم مجموعة ذات أصل عرقي متنازع عليه، ولكنها عموما مرتبطة بالأكراد.
عندما توليت منصبي كرئيس للبلدية، عملت بشكل وثيق مع الأحزاب السياسية المحلية (الحركة الديمقراطية الآشورية، وحركة التحالف السرياني وغيرها)، وتعاملت مع إدارات سجلات الأراضي في الحمدانية والموصل، واستعنت بالمادة 23-ب من الدستور العراقي وتفسير المحكمة العليا (قرار رقم 65 لسنة 2013) بشأن الحفاظ على حقوق الأقليات والمكونات في إقليمهم وفي الأراضي التي تعود لهم، وأن توطين الغرباء يجب أن يكون أن يكون فقط من خلال الحصول على الموافقات القانونية اللازمة من قائم مقامية القضاء.
إن مقاومة التغيرات الديموغرافية والتمسك بالقانون تتطلب العزيمة والإرادة الإدارية. وانا اعتبرت قرار المحكمة العليا بمثابة قانون مركزي ورأي ثابت ضد محاولات التغيرات الديمغرافية. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك حالة أحد الشبك الذي اشترى عقارًا سكنيًا من شبك آخر دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ورفع دعوى قضائية ضدي في محكمة الموصل. ونصرة للحق والحقوق أسقطت محكمة نزاهة الموصل القضية وانحازت إلي جانبي في رأي قضائي تاريخي أصدرته بتاريخ 15 نيسان 2024
س - ماذا عن حريق قاعة الأعراس في قره قوش وأين توصل التحقيق؟
ج - اندلع حريق هائل في قاعة أفراح الهيثم في ناحية الحمدانية، بتاريخ 26 أو 27 سبتمبر 2023، وأدى إلى مقتل 122 شخصاً وإصابة العشرات وكثيراً ما يقع اللوم على معايير السلامة، ولا يتم مراعاتها بشكل جيد في العراق، الذي عانى من عقود من سوء الإدارة والفساد.
قاعة الأفراح التي احترقت في الحمدانية كانت تتسع لـ 500 شخص، لكن ضعف العدد كان بداخلها عندما اندلع الحريق. كما أنها “خالية من أبواب الطوارئ”. وفي كثير من الأحيان لا يتم اتباع تعليمات السلامة في العراق، وخاصة في قطاعي البناء والنقل، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى حرائق وكوارث مميتة.
وكان الخطاب الرسمي حول المأساة أنها “عرضية وقضاء وقدر الله 100%”، وأن السبب الرئيسي للحادث هو إطلاق الألعاب النارية داخل القاعة على ارتفاع يتجاوز أربعة أمتار من أربع آلات. وخلصت لجنة التحقيق إلى أن هذه الألعاب النارية أدت إلى احتراق السقف الذي بني من مواد “شديدة الاشتعال وممنوعة” بالإضافة إلى مواد ديكور ومواد صنعت منها ستائر القاعة، وجميعها شديدة الاشتعال. كما بينت لجنة التحقيق وجود “كميات كبيرة من المشروبات الكحولية” ما ساعد على تسريع انتشار الحريق!
وفي الحقيقة لم تكن نتائج التحقيق مرضية لأسر الضحايا أبداً وامتلأت المشاعر بالشكوك والغضب، سيما وأن التحقيق تم بصورة سريعة واستنتاج النتيجة على عجل من قبل أفراد عسكريين، دون مشاركة خبراء دوليين. وشعبنا يعتقد أن هناك تستراً، وأن التحقيق ملوث بمصالح سياسية مؤثرة وبسبب ذلك خرجت مظاهرات حاشدة في قره قوش، ضد القوى السياسية، مطالبة بإعادة التحقيق في حريق المأساة وعلى رأس القائمة التحقيق في ملفات القوى المسيطرة على أمن المنطقة، وأن يتولى الملف الأمني أعضاء السلطة القضائية حصراً.
في هذه المأساة فقدت إحدى أخواتي بالإضافة إلى 9 من أبناء عمومتي وزوجاتهم. ولغاية اليوم لدينا عدد كبير من الحالات المحروقة التي لا يمكن علاجها في العراق.
س - هل لديكم أي إضافة تريدون مشاركتها مع قراء مجلة اخبار الكلدان (كالديان نيوز)؟
أشكركم للمقابلة وأود أن أقول “ان الخوف أقوى من السلاح” وبسبب ذلك يعاني السكان المحليين من القلق المستمر والعديد من المشاكل التي سبسبها عدم الاستقرار منذ 2003 وفترات احتلال داعش، وتعد الهجرة وفقدان السكان من أصعب التحديات التي تواجه المدينة اليوم إضافة الى استتاب الأمن وإنعاش الاقتصاد المحلي وإبعاد منطقة سهل نينوى عن مناكفات السياسات المحلية وسطوة قوات الميليشيات.
أولوياتنا هي الأمن وسيادة القانون وبناء العلاقات المجتمعية وتوفير بيئة أعمال مستقرة وتطوير الاقتصاد المحلي وتمكين الناس واستعادة الأمل والتعاون المجتمعي والعمل على الحصول على الدعم الحكومي. ويبدو أن حكومة دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الحالية جادة ومنظمة وأصدرت القرار رقم 25-230 بتشكيل لجنة لدراسة وحل النزاعات على الأراضي. وبعد زيارته الأخيرة للولايات المتحدة في أبريل، أصدر رئيس الوزراء المرسوم الإداري رقم 235-23 لتنفيذ قرارات المحكمة العليا وشكل لجنة جديدة للتعامل مع شكاوى المكونات في القضاء.
وبشكل عام، يمكننا القول إن التقدم يحصل وأن 90 بالمائة من الدوائر والمؤسسات الحكومية في المنطقة عادت إلى عملها تستمر المنطقة في جذب الإعجاب والإشادة من السياسيين المحليين والزوار الدوليين..و
المصادر: عصام بهنام متي، تلفزيون زاغروس. كتابات محمد طلال النعيمي، ديفيد غريتن، بي بي سي نيوز